Саад Заглул, лидер революции
سعد زغلول زعيم الثورة
Жанры
وقد حكمت المحكمة العسكرية عليهم بالإعدام. ثم عدل الحكم إلى سبع سنوات وغرامة خمسة آلاف جنيه على كل منهم. وأبلغوا حكم الإعدام أولا فهتفوا «لتحي مصر» قبل أن يسمعوا ما وراء ذلك. ثم تليت عليهم تتمة الحكم وفيها ذلك التعديل، فكرروا الهتاف لمصر بالحياة.
أما الوفد بعد اعتقال سعد فقد عاد إليه بعض أعضائه المنفصلين، ثم تركوه بعد أيام لسبب ظاهره أنهم اختلفوا على اختيار عضو من الأعضاء الجدد، وباطنه أنهم عرفوا السياسة التي رسمت للمستقبل، وهي سياسة «حزب عدلي» - كما سماه اللورد اللنبي - فرجعوا إلى تأييد هذه السياسة.
وقد أصدر الأعضاء الباقون منشورا مفصلا ببرنامج المقاطعة، وسياسة عدم التعاون مع الإنجليز في الحكومة وخارج الحكومة؛ فقبض عليهم ثم أفرج عنهم، وعادوا فأصدروا منشورا حضوا فيه الأمة على بذل ما في الطاقة لإعادة سعد وأصحابه من منفاهم، فقبض عليهم في الرابع والعشرين من شهر يوليو، وحوكموا في التاسع من شهر أغسطس، وانتهت المحاكمة بعد ثلاث جلسات وجيزة؛ لأن الأعضاء رفضوا بتاتا أن يجيبوا على أي سؤال.
أما الوزارة الثروتية فأهم ما صادفها من العقبات - غير مقاومة الأمة - احتجاج الحكومة البريطانية على كثرة الجرائم السياسية التي كانت تقع على الموظفين وغير الموظفين الإنجليز، ومنها ما كان يقع نهارا في أعمر الأحياء بالسكان. وقد قالت الحكومة البريطانية في احتجاجها:
إن عدم الاهتداء إلى مرتكبي تلك الجرائم وبقاءهم بعيدا عن طائلة العقاب يدل أوضح الدلالة على عدم كفاية التدابير التي اتخذت لمنع وقوع تلك الاعتداءات، وإن الحكومة البريطانية تجد نفسها تلقاء هذه الحالة مضطرة لأن تعتبر الحكومة المصرية مسئولة عن تعويض من يقع به اعتداء من الأجانب، أو تعويض ورثته إن أدركته الوفاة، كما أنها تحتفظ بحق تقدير ما إذا كان التعويض الذي تمنحه الحكومة المصرية كافيا أو غير كاف.
وفيما عدا ذلك الاحتجاج الرسمي كانت العلاقات بين الإنجليز والوزارة الثروتية علاقة مودة وتأييد متبادل، وكانت العقبة الكبرى التي تلقاها الوزارة إنما هي الخلاف المتعاظم بينها وبين الملك فؤاد على مسألة الدستور.
وخلاصة المسألة الدستورية أن الوزارة أنشأت برأيها ورأي أصدقائها لجنة مؤلفة من ثلاثين عضوا برئاسة «حسين رشدي باشا» لوضع الدستور الجديد، تمهيدا لانتخاب الهيئة التي تبرم الاتفاق بين مصر وإنجلترا على القضية المصرية. ودعت الوزارة عضوين أو ثلاثة من الوفد المصري إلى الاشتراك في اللجنة فلم يجيبوا الدعوة؛ لأن تمثيل الوفد بهذا العدد القليل بين ثلاثين من أنصار الوزارة المعادية للوفد ورئيسه عبث، لا يناله منه إلا التبعة وتصحيح مركز الوزارة تصحيحا يقويها ويضعفه ويفل سلاحه، ولأنه كان من ناحية أخرى يقترح انتخاب جمعية تأسيسية لوضع الدستور برأي نواب البلاد لا برأي الوزارة ومن يشايعها، ولأنه كان يستريب بمقاصد عبد الخالق ثروت، ويناصبه العداء مقابلة لعدائه بمثله، وتطبيقا لسياسة عدم التعاون التي أعلنها بعد اعتقال سعد وأصحابه.
وارتسمت الخطة التي كان ينويها ثروت باشا وأصدقاؤه، ويطمئنون إلى جريان الأمور في مجراها إلى الغاية المنشودة؛ وهي تنفيذ الاتفاق بينهم وبين الإنجليز باسم النواب المنتخبين وضمان الحكم على القواعد الدستورية.
فسعد وأصحابه في المنفى، والبقية الباقية من أعضاء الوفد البارزين في السجون أو المعتقلات، والانتخابات تجري على الأسلوب الذي يحسنه ثروت باشا وجرى عليه في جمع التوقيعات، وهو وأصدقاؤه من «حزب عدلي» ينزلون إلى ميدان الانتخاب بغير منازل، أو يقهرون منازليهم بمعونة الحكومة وما عندها من وسائل الترهيب والترغيب وقضاء المصالح من هنا ومنعها من هناك؛ ولا يبقى إلا النجاح والاستئثار بالأمر إلى زمن طويل.
ولهذا كانت الوزارة وأنصارها يقررون المبادئ التي تلائمهم في الدستور، وهي مبادئ التبعة الوزارية والاعتراف بالأمة وحدها مصدرا للسلطات، بدلا من حصر السلطة الدستورية في أيدي الملك، وهو الجانب الذي كانوا لا يأمنونه ولا يرجون منه المساعدة على نجاح الخطة المرسومة وجريانها في ذلك المجرى المعلوم. وكان يشايعهم المخلصون من أعضاء اللجنة الذين لا ينظرون إلى المآرب الحزبية ويؤثرون المبادئ الديمقراطية في الدستور على مبادئ الاستبداد.
Неизвестная страница