Саад Заглул, лидер революции
سعد زغلول زعيم الثورة
Жанры
سادس عشر:
تصير المعاهدة الحالية سارية المفعول بمجرد تبادل عقود إبرامها بين الطرفين المتعاقدين.
ويكون إبرامها فيما يختص بمصر على أثر إقرارها بواسطة جمعية قومية، تعقد للاقتراع على الدستور المصري الجديد.
هذا هو مشروع الوفد كما لخصه في مذكراته، وظاهر منه - كما أسلفنا - أنه مشروع أناس يجدون في طلب الوفاق ما استطاعوا، ولا يتلاعبون بالألفاظ في التقريب بين حقوق الاستقلال ومصالح بريطانيا العظمى، التي لا تفرضها على مصر وعلى العالم إلا بحكم القوة. وقد احتفظوا من معالم السيادة الوطنية بالقسط الضروري الذي لا ترضى أمة تطلب الاستقلال بأقل منه، فمن يطالبهم بالتبرع من عندهم بقبول قسط أقل من هذا، فهو كأنما يطالب الأمة المصرية بالثورة والتضحية لغير نتيجة إلا أن تصحح مركز بريطانيا العظمى في مصر، وتزودها بقوة النصوص المشروعة والموافقة الودية فوق ما لها من قوة السلاح والسطوة! وهو أمر لا يعقل أن يكون موضع اتفاق ومفاوضة بين طرفين وفيه الربح كل الربح من جانب، والخسارة كل الخسارة من الجانب الآخر؛ وإنما المعقول المفهوم أن يكون ما قبله الوفد أقل ما يسعه قبوله ما دام المرجع فيه إلى الاختيار والاتفاق، فإذا تجاوز هذا الحد فهو يعطي بريطانيا العظمى كل مزايا الاتفاق الحر ويبوء - والأمة المصرية معه - بكل مساوئ الإكراه، ومع هذا استغربوا في إنجلترا «جرأته» - كما سموها - وقالوا: إن سعدا يحسب أنه هزم الدولة البريطانية، ويملي عليها شروطه إملاء الظافر في ميدان القتال! •••
توقفت المفاوضات، وقيل إنها تنقطع أو انقطعت؛ لأن الوفد رفض مذكرة اللجنة، كما رفضت اللجنة مذكرة الوفد، ثم توسط عدلي يكن باشا في الأمر؛ فاضطر سعد إلى إرجاء السفر ريثما تتم هذه الوساطة، وبقي في لندن حتى تسلم مذكرة اللجنة الثانية في الخامس من شهر أغسطس، فانفتح بها باب جديد للمناقشة، وجرى التعديل مرة أخرى في بعض العبارات، وتعذر الاتفاق على جميع المسائل، فاستمر البحث فيها إلى منتصف أغسطس، وهنا اختلفت آراء الأعضاء بين القبول والرفض ومعظمهم إلى القبول، واقترح بعضهم عرض المشروع الأخير على الأمة لتبدي ملاحظتها عليه ثم يعاد بحثه بين الوفد واللجنة بعد الوقوف على جملة الآراء ومواضع الملاحظة والاستدراك.
ويغلب أن يكون هذا الاقتراح إنجليزيا في منشئه، أوحاه إلى اللجنة ما كانت تسمعه من سعد وزملائه من الاعتذار بوكالة الأمة وتعذر الخروج عن حدود هذه الوكالة؛ لأن الأمة ترفض كل ما يخرج على تلك الحدود - لا محالة - ولو قبله الأعضاء. فكان أعضاء اللجنة يقولون: إنما الوكالة برنامجكم أنتم، وفي أيديكم أن ترجعوا إليه بالتعديل والتحويل إن اقتنعتم بصواب ما تعرضونه على الأمة التي أوكلتكم. وكان من الطبيعي أن يخطر للجنة اقتراح الرجوع إلى الأمة تخلصا من هذا الاعتذار، وسعيا وراء الخلاف إن لم يكن سعيا وراء الإقناع.
فتردد سعد في العمل بالاقتراح مخافة الانقسام والشتات، ولكنه رأى بوادر الانقسام والشتات تبدو في داخل الوفد، فآثر أن يتداركها وأن يرجئ ظهورها ما استطاع، وهو يرجو أن يستعين بجلاء رأي الأمة على معالجة تلك البوادر أملا في رأب الصدع وتوحيد الصفوف، فتقرر إيفاد أربعة من الأعضاء إلى القاهرة، وهم: محمد محمود، وأحمد لطفي السيد، وعبد اللطيف المكباتي، وعلي ماهر، ينضم إليهم في القاهرة مصطفى النحاس، وويصا واصف، وحافظ عفيفي لعرض الموضوع على طوائف الأمة واستطلاع رأيهم فيه، وتقييد ملاحظاتهم عليه والرجوع بها إلى الوفد في النهاية لاستئناف البحث فيها جميعا مع اللجنة الملنرية، وإن كان رئيسها قد أعلن أن المشروع تضمن أقصى ما توصي به اللجنة وتطمع في إقراره من لدن الحكومة البريطانية، وأنها تشك في إقرارها لبعض ما فيه.
وعلى هذا سافر سعد من لندن في السادس عشر من شهر أغسطس، وتبعه الأعضاء في اليوم التالي، وتبعهم عدلي في اليوم الذي بعده، وهذه صيغة المذكرة التي تم الاتفاق على استطلاع رأي الأمة فيها:
قواعد الاتفاق (1)
لأجل أن يبنى استقلال مصر على أساس متين دائم يلزم تحديد العلاقات بين بريطانيا العظمى ومصر تحديدا دقيقا، ويجب تعديل ما تتمتع به الدول ذوات الامتيازات في مصر من المزايا، وجعلها أقل ضررا بمصالح البلاد. (2)
Неизвестная страница