قال الإمام القاسم الرسي رضي الله عنه: (ولقد أنكرت الحشوية من أهل القبلة رد المتشابه إلى المحكم، وزعموا أن الكتاب لا يحكم بعضه على بعض وأن كل آية منه ثابتة واجب حكمها بوجوب تنزليها وتأوليها، ولذلك وقعوا في التشبيه).اه.
قلت: وعندما نريد أن نعرف قيمة رواية ما، أو على الأقل ترجيحها على رواية أخرى، فلا بد من عرضها على القرآن، ويستلزم هذا أن يكون مفهوم الآية واضحا لدينا حتى نستطيع عرض الرواية عليه.
ويعتبر عرض الرواية على كتاب الله من أهم القواعد الأساسية وخصوصا عند أهل البيت عليهم السلام.
وهكذا كان الصحابة، انظر مثلا إلى السيدة عائشة لما سمعت حديث: (( إن الميت ليعذب ببكاء أهله عليه ))(1) أنكرته وحلفت أن الرسول ما قاله وقالت بيانا لرفضها: أين منكم قول الله سبحانه: {ولا تزر وازرة وزر أخرى}(2).
إنها ترد ما خالف القرآن بدون خوف أو وجل، وقالت: يغفر الله لأبي عبد الرحمن أما إنه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطأ، وإنما مر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على يهودية يبكى عليها، فقال: (( إنكم لتبكون عليها، وإنها لتعذب في قبرها )).
قال الحافظ النووي معلقا على الحديث: وهذه الرواية من رواية عمر بن الخطاب وابنه عبد الله رضي الله عنهما، وأنكرت عائشة ونسبتهما إلى النسيان والإشتباه عليهما، وأنكرت أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال ذلك، واحتجت بقوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} قالت: وإنما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في يهودية أنها تعذب وهم يبكون عليها يعني تعذب بكفرها في حال بكاء أهلها، لا بسبب البكاء(3) انتهى.
Страница 23