أما إن تفته الغاية أحيانا، فيصدف عنها مضطرا ويستشعر الصمت، فذلك لأن الأيام لم تقدر لبلاده أن تركب في صهوة سيادتها القومية، وذلك لأن الأيام لم تقيض لها جناحا تنهض به.
وإن ابن عم المرء فاعلم جناحه
وهل ينهض البازي بغير جناح
محمد الجسر
جبل من صعيد العمالقة، فهو رفيع النجاد، منتصب كالأسطوانة، أشمط الناصية، نحاسي البشرة، مزمل الرأس بعمامة كأنها غيمة على هضبة.
حذت جبينه قارصه السياسة في اصطكاكها، فطلت أديمه بخيال من لونها الناري.
في مقلتيه الصارمتين بريق صناعة تلقف أسرارها، وعلم بمهب ريحها، هي صناعة السياسة.
أما طلعته فتوحي الوقار في جميع صورها!
ليس بين الذين يحترفون السياسة من قدر له أن يعمر طويلا في مطرح واحد كالأستاذ «الدباس» والشيخ «محمد الجسر». فلقد أوشك الشيخ «محمد» أن يحتل رئاسة المجلس احتلالا لم يسبق لرجل من قبل؛ ذلك لأنه عرف أن يعالج بدهائه وحنكته جميع العمد التي تدعم كرسي الرئاسة.
صلب! قد يهي منبر الرئاسة تحت صلابة رأيه! فلو كان الشيخ «محمد» نائبا لاستطاع أن يخدم بلاده بما أوتيه من الحزم والجرأة أكثر من خدمته إياها وهو رئيس، إلا أنك لا تعلم أي سر من أسرار الطبيعة ينطوي عليه هيكل هذا الرجل فيجعله جديرا بأن يكون قمة.
Неизвестная страница