بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله الذي ختم الأديان السماوية بدين الإِسلام الحنيف، وجعله عامًا وشاملًا لجميع القضايا والأحكام، مستوعبًا شؤون الحياة في كل زمان ومكان، فما أحلاه من دين قويم محكم، وما أجوده من تشريع ونظام مبرم عرفته البشرية على مر العصور والأزمان.
وأشهد أن لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ﴾ (١) سبحانه ﴿فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ﴾ (٢) ﴿لا يسئل عما يفعل، وهم يسئلون﴾ (٣).
وأشهد أن سيدنا محمدًا عبد الله ورسوله ﷺ، أرسله ربه خاتمًا للأنبياء والمرسلين، ومبعوثًا إلى كافة الناس أجمعين هاديًا إلى الحق وطريق مستقيم، مبلغًا بشريعة سمحة ومحجة بيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلَّا هالك، وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين لهم من أئمة الهدى والدين الذين شغفوا بحب هذا الدين والنور الذي سطع عليهم، ففتحت له صدورهم، وسهرت عليه أعينهم، فكانوا له حراسًا أمناء، وحماة أوفياء، حفظوا كتاب ربنا وسنّة نبينا، من تحريف المفترين وشبه الزائفين، ومكايد الظالمين، فرضي الله عنهم أجمعين.
وبعد: فإن موضوع النسخ من الموضوعات الدقيقة والخطيرة التي شغلت أفكار كثير من العلماء قديمًا وحديثًا، لأنه من الموضوعات التي كثر الجدال والنزاع فيها، فتجرأت فرق من اليهود والنصارى والروافض على إنكار وقوعه، وتأوله بعض أفراد هذه الأمة -كما سيأتي في محله مبينًا إن شاء الله - في ص: ٨٤ - ٨٦.
وبما أن هذا الكتاب الذي أحققه وأقدمه، هو في نفس الموضوع فقد كان لزامًا عليّ أن أضع له مقدمة، وقد اخترت ترتيبها على النحو الآتي:
_________
(١) سورة الأعراف - آية: ٥٤.
(٢) سورة البروج - آية: ١٦.
(٣) سورة الأنبياء - آية: ٢٣.
1 / 7