شيخه (١) أيضًا -كما تقدم-.
ثم بعد عام ٦٧١ هـ (٢)، وبعد أن توفي تاج الدين ابن يونس لم يمكث الجعبري كثيرًا في (بغداد) فاتجه بعدها إلى الشام، فقام برحلة جديدة، فنزل (دمشق) عاصمة الدولة الأموية، طالبًا للمزيد من العلم والاطّلاع، ولما احتلت (دمشق) من سيادة ومكانة علمية في عصر المماليك بعد أن تضاءلت أهمية (بغداد) بسبب تدهور أوضاعها وأمنها وقلّ العلماء بها، وتقدم أن ذكرنا ذلك في عصر المؤلف أن كثيرًا من العلماء وجدوا العناية من قبل حكام (دمشق)، ولعل هذا هو السبب الذي دعا عالمنا إلى القيام بهذه الرحلة إلى (دمشق)، فنزل فيها بالخانقاه السميساطية (٣)، وأعاد بالغزالية (٤)، وسمع من كبار الحفاظ منهم: الفخر ابن البخاري (٥) المتوفى سنة ٦٩٠ هـ، والفخر ابن الفخر البعلبكي (٦) المتوفى سنة ٦٩٩ هـ، وباحث وناظر، وأفاد الطلبة (٧).
ثم انتقل بعد ذلك إلى بلد الخليل (بفلسطين) وأقام بها بضعًا وأربعين (٨) عامًا، ولم أر
_________
(١) انظر: عوالي مشيخة برهان الدين ق ٦١/ أ، وبرنامج ابن جابر الوادي آشي ص ٥١.
(٢) لم أعثر على تحديد زمن هذه الرحلة، ولكن كان الجعبري في هذه الفترة موجودًا في (بغداد) ومن خلال ذلك قلت هذا على وجه التقريب لا بالتحديد.
(٣) هي خانقاه تقع بجوار مسجد بني أُميّة بدمشق، تنسب إلى واقفها أبو القاسم علي بن محمَّد بن يحيى بن محمَّد السلمي الدمقشي المعروف بالسميساطي نسبة إلى سميساطية بلدة تقع على نهر الفرات وكان له معرفة بالحديث وعلم الهندسة والهيئة، وقد وقف أموالًا عظيمة في أنواع البر وأوجه الخير.
انظر ترجمته في الدارس ٢/ ١٥١، وقد توفي سنة ٤٥٣ هـ عن ٧٦ سنة.
(٤) الغزالية: يطلق هذا الاسم على الزاوية الغربية من جامع بني أمية بدمشق، وتنسب إلى الغزالي، لأنه عند دخوله (دمشق) منعه الصوفية من النزول بالخانقاه السميساطية فنزل بهذا المكان.
انظر: الدارس ١/ ٤١٣ - ٤١٤.
(٥) الفخر ابن البخاري: هو أحد شيوخ المصنف في الحديث.
ستأتي ترجمته في شيوخ المصنف ص ٤٤ - إن شاء الله-، وانظر: طبقات الشافعية للسبكي ٩/ ٣٩٩، والمعجم المختص للذهبي ق ٢٠/ أ، والوافي ٦/ ٧٥، والدرر الكامنة ١/ ٥٠، وفوات الوفيات ١/ ٣٩، فقد ذكروا سماع الجعبري منه.
(٦) الفخر ابن البعلبكي: هو شمس الدين محمَّد بن الإِمام فخر الدين عبد الرحمن بن يوسف البعلبكي الحنبلي المتوفى سنة ٦٩٩ هـ.
انظر: شذرات الذهب ٥/ ٤٥٢، وانظر المصادر المتقدمة فقد ذكرت سماع الجعبري منه.
(٧) انظر: الوافي بالوفيات ٦/ ٧٤ - ٧٥.
(٨) البضع: في العدد بالكسر، ويفتح عند بعضهم. وهو قطعة مبهمة في العدد، ويستعمل من الثلاثة إلى التسعة، وقال ثعلب: من الأربعة إلى التسعة، ويستوي فيه المذكر والمؤنث، وإذا استعمل من ثلاثة =
1 / 40