Рум
الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب
Жанры
5
وأكرم يوليانوس ليبانيوس الفيلسوف الوثني، ورقى عددا من الوجهاء إلى رتبة المشيخة فجعلهم أعضاء سناتوس أنطاكية، ووهب للمدينة مساحات كبيرة من أراضي الدولة، ولكن الأنطاكيين المسيحيين قابلوه بالهزء ووجدوا في النقيضين - لحيته الطويلة وقامته القصيرة - مجالا واسعا لأن يمارسوا ما طاب لهم من ضروب العبث والسخر،
6
وعبثا حاول ليبانيوس أن يوفق بين الإمبراطور وبين رعاياه الأنطاكيين، ثم اشتد الخلاف وتفاقم الشر حين أخرج الإمبراطور بقايا شهيد أنطاكية القديس بابيلاس من قبره في دفنة، فغضب المسيحيون لكرامتهم وأحرقوا في الثاني والعشرين من تشرين الأول هيكل أبولون، فأقفل الإمبراطور كنيسة أنطاكية الكتدرائية وأمر بنهبها وتدنيسها، فكسر المسيحيون تماثيل الآلهة وأبى الجند المسيحيون أن يسيروا تحت لواء الإمبراطور الجاحد لمحاربة الفرس.
7
وعلم يوليانوس أن يسوع تنبأ بأن لا يبقى من الهيكل في أوروشليم حجر على حجر، فلكي يكذب الكتب اهتم لإعادة بناء الهيكل، فأرسل إلى أوروشليم أحد أمنائه إليبيوس ليشرف على العمل، وتقاطر اليهود واجتمع عدد كبير منهم في مكان الهيكل، فجرفوا المكان وحفروا في الأرض كبارا وصغارا رجالا ونساء، ولما انتهوا من هدم الأساسات القديمة وأوشكوا أن يضعوا الأساسات الجديدة حدثت زلزلة هدمت الأبنية المجاورة وقتلت بعض الفعلة وملأت الحفر ترابا.
الحرب الفارسية
ولم يسع شابور ذو الأكتاف للحرب هذه المرة، بل فاوض في سبيل السلم والوئام وبعث الرسل إلى أنطاكية، ولكن يوليانوس أبى أن يصغي إليهم واكتفى بالقول: «قريبا ترونني.» واسترضى اليهود في مملكته؛ طمعا في أن يعاونه إخوانهم في فارس، وحالف ملك أرمينية على الرغم من نصرانيته، ونهض في ربيع السنة 363 إلى الفرات على رأس جيش مؤلف من خمسة وستين ألفا. وكان يود أن ينصب على عرش فارس هورمزد أخا شابور وكان هذا لا يزال داخل الحدود الرومانية منذ السنة 324، وقطع يوليانوس الفرات على جسر من القوارب، ولدى وصوله إلى الخابور أفرز ستة عشر ألفا بقيادة بروكوبيوس أحد أنسبائه؛ ليتجه بهم شرقا عن طريق نصيبين ويتصل بالأرمن الزاحفين شطر الجنوب، وأعطى بروكوبيوس في السر ثوبا أرجوانيا وعينه خلفا له في حال الوفاة، وزحف هو يحاذي الفرات في طريقه إلى بابل. وكان ذو الأكتاف قد أخطأ التقدير فحسب أن الجيش الروماني سينطلق من نصيبين، فاتجه هو إلى دجلة لمقابلة أعدائه، وتابع يوليانوس زحفه جنوبا ثم اتجه شرقا إلى دجلة، واحتل سلوقية وواقع خصمه عندها، فانتصر عليه انتصارا باهرا. واستأنف الزحف على طيسفون عاصمة شابور، فبلغها وشابور لا يزال بعيدا عنها. وكانت طيسفون صعبة المنال، فرأى يوليانوس أن يتصل ببروكوبيوس والأرمن قبل ضرب الحصار عليها، وفيما هو فاعل ضايقه الفرس في السادس والعشرين من حزيران بهجوم متتابع، وكان هو قد نزع عنه درعه من شدة الحر فاضطر فجأة أن يتقدم إلى الصفوف الأمامية لرد هجوم على مؤخرة جيشه، فأصابه سهم في ذراعه عقبه نزيف شديد، وعبثا حاول أطباؤه وقف النزيف فتوفي في منتصف الليل وهو يحدث صديقيه الفيلسوفين مكسيميوس وبريسكوس عن صفات النفس السامية العالية، وقيل إن فارسا مسيحيا من فرسانه رماه بهذا السهم للقضاء عليه.
الفصل السادس
ثيودوسيوس الكبير
Неизвестная страница