Рум
الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب
Жанры
الفصل الثاني عشر
خلفاء يوستنيانوس
565-602
يوستينوس الثاني (565-578)
ولم يخلف يوستنيانوس عقبا، ولم يشرك أحدا معه في الأرجوان، ولكنه كان يثق بابن أخته يوستينوس ويستشيره في أمور الدولة، ولمس أعضاء مجلس الشيوخ هذه الثقة وأحبوا يوستينوس، فعولوا على انتخابه فور وفاة الإمبراطور الشيخ، وقد أدرك يوستنيانوس الثالثة والثمانين ومرض مرضه الأخير ولم يفه بكلمة واحدة تنبئ عمن يريده خلفا له في الحكم. وكاد يلفظ أنفاسه في ليلة من ليالي الخريف، فجلس يوستينوس وزوجته صوفية في إحدى نوافذ قصرهما التي تطل على البوسفور وباتا ينتظران، وعند الفجر أبلغهما الرسول وفاة الإمبراطور ورجاء مجلس الشيوخ أن يتوليا العرش.
وقضت التقاليد بأن يرفض يوستينوس الرجاء ففعل، ثم قبل وذهب توا إلى القصر (14 تشرين الثاني سنة 565) وخرج منه مترديا الأرجوان الملكي، متزينا بالجواهر التي اقتنصها بليساريوس من القوط، فرفعه الجند حسب التقليد على الترس، معلنين بذلك موافقتهم على ارتقائه العرش، ثم أيدته الكنيسة الأرثوذكسية، فباركه البطريرك ووضع التاج على رأسه. وكان لا يزال جثمان يوستنيانوس مسجى في قصره محنطا، فنقل إلى كنيسة الرسل بجنازة مهيبة مشى فيها المصلون من رجال الإكليروس والعذارى، رافعين الشموع، وهناك دفن الجثمان في قبر مذهب، وما إن تم الدفن حتى أزيح ستار الحزن وارتفعت الأصوات مهللة بارتقاء الفسيلفس الجديد.
وكان يوستينوس الثاني نشيطا مجتهدا شجاعا جريئا؛ فإنه منذ أن تبوأ العرش أظهر من العزم والأنفة في علاقاته مع البرابرة ما يليق بمقامه الجليل، فامتنع عن أن يؤدي لهم المنح السنوية، وكانت قد بلغت في أواخر عهد خاله يوستنيانوس ثلاثمائة ألف ليرة ذهبا، وأعاد العناية بالجيش، واهتم بالمالية، وحاول محاولة صادقة في إزالة الهم والعناء عن جميع الرعايا، وأعلن أنه «سيحيي الليل بطوله؛ للمحافظة على مصالح الدولة، ولإصلاح كل ما ينبغي إصلاحه، كما أعلن أن همه الوحيد هو أن يقدم للولايات أفضل الشرائع؛ كي يضمن لأهلها الأمن والعدل.»
1
ولكن الحوادث تتالت قوية عنيفة فجاءت بما لم يشته وكعمته كعما.
وكان يوستينوس - على مزاياه - شامخا متغطرسا تعوزه الحيلة، لم يتسن له الوصول إلى رغائبه، وفي أواخر السنة 573 أصيب في عقله إصابة ظاهرة، فتصدت زوجته صوفية للقيام بأعباء الحكم مستعينة بقومس الحرس طيباريوس الأمين، ثم إن يوستينوس تبنى طيباريوس، وفي السابع من كانون الأول سنة 574 أعلنه قيصرا، فصرف طيباريوس الأمور باسم سيده أربع سنوات متتاليات إلى أن قضى يوستينوس فانفرد بالحكم.
Неизвестная страница