Рум
الروم: في سياستهم، وحضارتهم، ودينهم، وثقافتهم، وصلاتهم بالعرب
Жанры
27
الفصول الثلاثة
وكان لا يزال أوريجانيوس الإسكندري ومؤلفاته موضوع جدل ونزاع بين علماء الكنيسة وأساقفتها: فريق منهم يحترمه لعلمه واجتهاده وطهارته، وفريق آخر يكرهه؛ لأن بعض آرائه كانت قد أصبحت حجة لمن قال بالطبيعة الواحدة، وبرغم أن أحد المجامع كان قد أصدر حكما على أوريجانيوس ومؤلفاته؛ فإن عددا كبيرا كان لا يزال يحترمه، فيدعي أن الهراطقة عبثوا بمؤلفاته ليستندوا عليها، ولكن في السنة 539 أصدر أفرام بطريرك أنطاكية حكما جديدا بتحريم أوريجانيوس ومؤلفاته، فطلب بعض رهبان فلسطين إلى بطرس بطريرك أوروشليم قطع البطريرك أفرام، فلم يعرهم سمعا، إلا إنه أرسل وفدا إلى القسطنطينية يبين واقع الحال ويرجو اتخاذ موقف واضح من أوريجانيوس ومؤلفاته، فكان من بطريرك القسطنطينية ميناس أن عقد مجمعا محليا بموافقة الإمبراطور حكم فيه على أوريجانيوس وتعاليمه.
واتفق أن كان في البلاط ثيوذوروس أسكيضاس، أسقف قيصرية، وكان هذا يحترم أوريجانيوس وتعاليمه ويقول بالطبيعة الواحدة ويتقرب إلى ثيودورة، ومثله كان دوميتيانوس كاتم أسرار الإمبراطور، فتقدم الثلاثة، ثيودورة وثيوذوروس ودوميتيانوس، من يوستنيانوس وأقنعوه بأن انضمام أصحاب الطبيعة الواحدة إلى الكنيسة يسهل جدا متى حرمت الفصول الثلاثة، وهذه الفصول هي: مؤلفات ثيوذوروس الموبسوستي، ورسائل ثيودوريطس ضد كيرلس، والرسالة المنسوبة إلى الأسقف إيبا، ورأى هؤلاء - في ذلك كله - وسيلة لتجريح قرارات المجمع المسكوني الرابع ولإرضاء أتباع أوريجانيوس بالحكم على من كتب ضده ولإغضاب الأرثوذكسيين، فوافق يوستنيانوس وأصدر في السنة 544 تحريما للفصول الثلاثة وطلب إلى الأساقفة أن يوافقوه عليه، وهدد المعارضين بالعزل، فلم يخضع أساقفة الغرب لأمر الإمبراطور وجاراهم في ذلك البابا فيجيليوس، وكتب أسقف قرطاجة إلى الإمبراطور أنه لا يجوز إيقاع الحرم بشخص بعد موته، فاستدعى يوستنيانوس البابا فيجيليوس إلى القسطنطينية، فحضر إليها، وانتهى بالنزول عند إرادة الإمبراطور فأنشأ رسالته المعروفة بالجوديكاتوم
Judicatum
وفيها شجب الفصول الثلاثة.
ولكن أساقفته انتقضوا عليه وعينوا له وقتا للندامة، فلبث فيجيليوس في القسطنطينية، ورجع عن قوله في الجوديكاتوم، ثم أصدر يوستنيانوس أمرا ثانيا بشجب الفصول الثلاثة وطلب الموافقة عليه مرة أخرى، فأبى البابا فيجيليوس ودخل كنيسة واحتمى بها وربط نفسه بعمود المائدة، فسحبه الجنود بالقوة فانسحب العمود معه وسقطت المائدة،
28
ومما يجدر ذكره أن الأصل في تسمية الفصول الثلاثة بهذا الاسم هو أن الأمر الذي أصدره الإمبراطور بالشجب حوى فقرات ثلاثا تتعلق بمؤلفات ثيودوروس وثيودوريطس وإيبا، ثم تنوسي ذلك فأصبحت الفصول الثلاثة تدل على أشخاص ثيودوروس وثيودوريطس وإيبا أنفسهم.
المجمع المسكوني الخامس في القسطنطينية
Неизвестная страница