Дух революций и Французская революция
روح الثورات والثورة الفرنسية
Жанры
ويزيد ما عند أحزاب فرنسة من عدم التسامح ومن حب القبض على زمام الحكم اعتقادها أن القوانين تجدد المجتمعات، فالجماعات الفرنسية تعتبر الحكومة ذات قدرة لاهوتية مثل القدرة التي تقمصها الملوك في العهد السابق، ولم يكن الشعب وحده واثقا بما عند الحكومة من السلطان العظيم، بل نرى عند مشترعينا نظير تلك الثقة.
ولم يفقه رجال السياسة عندنا حتى الآن أن الأنظمة معلولات، لا علل، وأنه لا قوة ذاتية لها، فهم إذ كانوا وارثين لذلك الوهم الثوري لا يرون أن الإنسان ابن ماض لا نقدر على تجديد قواعده أبدا.
ولا ريب في أن الصراع بين المبادئ التي فرقت فرنسة منذ قرن سيستمر، ولا يقدر أحد على كشف ما قد يولده من الانقلابات، ولو علم أهل أثينة قبل الميلاد أن افتراقهم يؤدي إلى استعباد بلاد اليونان ما أتوا به، ولكن كيف كان يمكنهم كشف ذلك؟ قال مسيو غيرو:
قلما يبالي الناس بما يعملون، فالناس، وإن كانوا يهيئون المستقبل بعملهم، لا يكون المستقبل في الغالب إلا خلاف ما يريدون. (2) خلاصة الحركات الثورية التي وقعت في فرنسة منذ قرن
أوضحنا ما للحركات الثورية التي وقعت في فرنسة منذ قرن من العلل النفسية، والآن نلخص تاريخ تلك الثورات:
قهر الملوك ناپليون فردوا فرنسة إلى حدودها السابقة، وأجلسوا لويس الثامن عشر على العرش، فنشر هذا الملك الجديد مرسوما قال فيه إنه يرضى أن يكون ملكا دستوريا، وأن يكون نظام البلاد نيابيا، ثم اعترف بنتائج الثورة الفرنسية من قانون مدني ومساواة أمام القانون وحرية العبادة وعدم استردد الأموال الوطنية ... إلخ، إلا أنه حصر حق الانتخاب في الذين يدفعون ضريبة معينة.
فناهض الملكيون المتطرفون في مجلس النواب هذا الدستور الحر، وأرادوا إعادة الأموال الوطنية والامتيازات السابقة إلى أصحابها، ولكن لما شعر لويس الثامن عشر بأن تنفيذ هذا العمل الرجعي يشعل ثورة جديدة اكتفى بفض مجلس النواب، وأدت الانتخابات الجديدة إلى اختيار نواب معتدلين فاستطاع الملك أن يثابر على الحكم بتلك المبادئ عالما أن إعادة سكان فرنسة إلى مبادئ العهد السابق مما يدفعهم إلى العصيان.
ومن دواعي الأسف أن تبوأ شارل العاشر العرش بعد وفاة لويس الثامن عشر سنة 1824، فقد كان هذا الملك السخيف، العاجز عن إدراك ما طرأ على العالم من التبدل، فخورا بعدم تغيير أفكاره منذ سنة 1789، فأعد سلسلة من القوانين الرجعية القائلة بتعويض المهاجرين مليار فرنك، وإعادة حقوق البكرية، وامتياز الإكليروس ... إلخ، فعارضت أكثرية النواب ذلك، فوضع الملك سنة 1830 مراسيم حل فيها مجلس النواب، وألغى حرية الصحافة، وهيأ أمر الرجوع إلى نظام العهد السابق، فأوجب هذا الاستبداد تحالف الأحزاب، فأنفق الجمهوريون والبوناپارتيون والملكيون الأحرار على إيقاد نار الفتنة في باريس، ولم تمض أربعة أيام على نشر تلك المراسيم حتى استولى العصاة على العاصمة وفر شارل العاشر قاصدا إنكلترة، ثم دعا زعماء الفتنة، كتيار وكازيمير پريه ولافايت، لويس فيليپ، الذي كان الشعب لا يعلم عنه شيئا، إلى باريس ونصبوه ملكا للفرنسيين.
وقد استند لويس فيليب في توطيد دعائم ملكه إلى الطبقة الوسطى، فوضع قانونا خفض فيه عدد الناخبين إلى مئتي ألف، فأوجب هذا انتخاب نواب من تلك الطبقة موالين للحكومة الجديدة.
وغدا لويس فيليب في موقف حرج؛ إذ كان عليه أن يقاوم في آن واحد أنصار هنري الخامس (حفيد شارل العاشر) والبوناپارتيين الذين اعترفوا بلويس ناپليون رئيسا والجمهوريين، وقد أحدث هؤلاء كلهم، (من سنة 1830 حتى 1840)، بما لهم من الجمعيات السرية المشابهة لأندية الثورة الفرنسية، فتنا كثيرة، وإن سهل قمعها جميعا، ولم ينصرف أنصار هنري الخامس والكهنة عن دسائسهم قط، وقد حاولت والدته إيقاد نار الثورة في مقاطعة ڤانده، فلم تنجح، وصارت مطاليب الإكليروس من التشدد بحيث نشأ عنها عصيان خربت في أثنائه أسقفية باريس.
Неизвестная страница