Дух революций и Французская революция
روح الثورات والثورة الفرنسية
Жанры
وقد انتشر الإيمان الجديد ببطء في فرنسة في بدء الأمر؛ لعدم علانيته وفقدان وسائل إذاعته، فلم ينضم إلى لوثر، سنة 1520، سوى بضعة أشخاص، ولكن لما كثر أنصاره، سنة 1535، رئي أن إحراقهم أمر ضروري.
وسهل الاضطهاد انتشار الإصلاح الديني تبعا للسنة النفسية المعروفة، وكان أول المؤمنين به القساوسة والقضاة وأهل الحرف، وقد تم إقبالهم عليه بالعدوى النفسية والتلقين.
ومن المشهود أنه عندما يشيع معتقد جديد بين الناس يلتف حوله رجال لا يهمهم من أمره سوى أنهم يرون فيه وسيلة لإرواء شهواتهم وأطماعهم، وقد وقع ذلك أيام الإصلاح الديني في بلدان كثيرة، ولا سيما في ألمانية وإنكلترة، فلما قال لوثر إنه لا حاجة للإكليروس بالمال وجد أمراء ألمانية الدين الذي يعدهم بالاستيلاء على أموال الكنيسة دينا طيبا نافعا. (3) قيمة ثورة الإصلاح الديني العقلية
قلبت ثورة الإصلاح الديني أوربة، وكادت تدمر فرنسة بتحويلها إياها مدة خمسين سنة إلى ساحة حرب، وما أتته من النتائج العظيمة لم تأت مثله أية حادثة تعدلها من حيث قلة قيمتها العقلية.
والأدلة على أن المعتقدات تنتشر بعيدة من العقل كثيرة، وما أقام النفوس وأقعدها من المذاهب اللاهوتية أيام ثورة الإصلاح الديني، ولا سيما مذهب كالڤن، لا يستحق أن يبحث عنه من جهة المنطق العقلي.
فلوثر الذي همه أمر سعادته الأبدية وخاف من الشيطان خوفا لم يقدر كاهنه على إزالته كان يبحث عن أقوى الوسائل التي يرضي بها الله ليتقي جحيمه، وبعد أن شرع في إنكار حق البابا في بيع المغفرة رفض ما له ولكنيسته من السلطان رفضا تاما، وأنحى باللائمة على الطقوس الدينية والاعتراف وعبادة القديسين وصرح بأنه لا يجوز للنصارى أن يتبعوا غير ما جاء في الكتاب المقدس، ثم قال إن النجاة الأبدية لا تكون إلا بفضل الله وكرمه، ولم يحدد لوثر «نظرية المشيئة الأزلية» هذه تحديدا تاما، وقد عرفها كالڤن بأوضح من ذلك فجعلها أساس مذهب لا يزال أكثر الپروتستان تابعين له، فعند كالڤن «أن الله اختار من الأزل أناسا للنار وآخرين للجنة» وكان جوابه وقتما سئل عن علة هذا الظلم «أن الله أراد ذلك»، وهكذا رأى كالڤن، الذي لم يفعل سوى إيضاح زعم القديس أوغوستن، أن الله القادر على كل شيء يعنى بخلق أناس ليكونوا خالدين في النار غير مبال بأفعالهم وفضائلهم، ومما يستوقف النظر أن تستولي هذه الغباوة الفكرية على النفوس زمنا طويلا، وأن تظل مستحوذة على كثير من الناس حتى الآن.
وهنالك شبه بين نفسية كالڤن روبسپير، فكان الأول كالثاني أستاذا غير متردد في قتل من لم يكن على مذهبه، وكان يقول: «إن الله يريد أن تطرح الرأفة والإنسانية جانبا عند الجهاد في سبيله».
ونستدل من حالة كالڤن وأنصاره على أن المتناقضات تلتئم في أدمغة المؤمنين، فيستحيل من حيث المنطق العقلي أن نثبت أخلاق على مبدأ «المشيئة الأزلية» القائل إن بعض الناس ناجون وبعضهم معذبون، مهما كانت أفعالهم، ومع ذلك لم يلق كالڤن صعوبة في إبداع أخلاق قوية قائمة على أساس غير منطقي. (4) انتشار الإصلاح الديني
لم ينتشر هذا الإيمان بالخطب والبراهين العقلية، بل بالعناصر التي بحثنا عنها في كتابنا السابق، أي بالتوكيد والتكرار والعدوى النفسية والنفوذ، وقد انتشرت الأفكار الثورية بعد ذلك في فرنسة على هذه الطريقة أيضا.
وساعد الاضطهاد على هذا الانتشار، إذ نشأ عن كل حادثة قتل دخول أناس في المذهب الجديد، فلما سيق القاضي المحكوم عليه بالإحراق، إندنبرغ، إلى النار سار إليها وهو يحث الجماعة على اعتناق مذهبه، وقد قال أحد الرواة إن عدد الپروتستان زاد بين طلاب المدارس بفعل جلده وصبره أكثر مما بكتب كالڤن.
Неизвестная страница