Дух революций и Французская революция
روح الثورات والثورة الفرنسية
Жанры
وليس لديموقراطية الكتاب غاية سوى إيجاد فريق من الناس تتألف منهم طبقة الأمة القائدة، وإننا نأسف على تأدية هذه الديموقراطية إلى إقامة حقوق مطلقة تخص جماعة مستبدة قصيرة النظر مقام ما للملوك من الحقوق الإلهية، فالحرية لا تكون بإحلال استبداد محل استبداد.
وأما الديموقراطية الشعبية فلا تسعى إلى إنشاء فريق من القادة، وهي - لشدة اهتمامها بالمساواة وتحسين أحوال العمال - ترفض مبدأ الإخاء ولا تبالي بالحرية، ولا تتصور شكلا للحكومات غير الشكل الاستبدادي، وذلك ما يبدو لنا من هتافها للحكومات المستبدة التي ظهرت منذ نشوب الثورة الفرنسية، ومن الطريقة القهرية التي تسير عليها نقابات العمال.
والفرق النفسي بين ديموقراطية العمال وديموقراطية الكتاب ليس بالأمر الخفي؛ فالفريقان لا يتكلمان لغة واحدة، ويصرح رجال النقابات بأن الاتفاق لا يمكن أن يسودهما.
حقا إن الاتفاق بينهما لا يمكن أن يكون، وهذا هو السبب في عدم ظهور مفكرين عظام يدافعون عن الديموقراطية الشعبية منذ زمن أفلاطون. (4) التفاوت الطبيعي والمساواة الديموقراطية
مشكلة التوفيق بين المساواة الديموقراطية والتفاوت الطبيعي من أصعب مشاكل الوقت الحاضر، وليست أماني الديموقراطية مجهولة لدينا، فلنبحث عن جواب الطبيعة عن هذه الأماني.
اصطدمت المبادئ الديموقراطية، التي زعزعت العالم منذ عصر البطولة اليونانية، بما نشأ عن الطبيعة من التفاوت، والمؤلفون الذين قالوا مع هلفيسيوس إن التفاوت بين الناس صادر عن التربية قليلو العدد؛ فالطبيعة لا تعرف المساواة، وقد وزعت أمور العبقرية والحسن والصحة والقوة والذكاء توزيعا مختلفا، ولا تقدر النظريات على تحويل هذا الاختلاف، فستظل المذاهب الديموقراطية محصورة في مجال الألفاظ حتى اليوم الذي ترضى فيه نواميس الوراثة بتوحيد أهليات الناس.
وهل يجوز أن نفرض أن المجتمعات تستطيع أن تصنع المساواة التي أنكرتها الطبيعة؟ استمر بعض النظريين على القول إن التربية قادرة على إحداث مساواة عامة، ولكن التجارب التي وقعت في عدة سنين أثبتت ضعف نظرهم.
ويستحيل على الاشتراكية - عند انتصارها - أن تقيم دعائم المساواة بقضائها على أفاضل الناس، ولا يصعب إدراك مصير أمة أهلكت صفوتها في زمن تتقدم فيه الأمم المجاورة بما عندها من خيار الرجال.
وليس أمر الطبيعة مقتصرا على عدم إقرارها بالمساواة، بل إنها أوجبت تقدم العالم بما أدت إليه من التفاوت الزائد، وهذا التفاوت هو الذي أوجد، من خلايا الأدوار الجيولوجية، أناسا غيرت اكتشافاتهم وجه الأرض.
ويشاهد مثل ذلك في المجتمعات، فالديموقراطية التي تصطفي أذكياء الشعب تؤدي - في نهاية الأمر - إلى وجود أريستوقراطية ذهنية مخالفة لحلم النظريين بخفض عناصر المجتمع الراقية إلى مستوى عناصره الدنيا.
Неизвестная страница