فعانقها لوسيان فرحا مسرورا وقال لها: لا شك عندي أنك خير الأمهات.
وعند ذلك دخل الشفالييه، فخفق قلب الكونتس وقالت في نفسها: لا بد لهذا الشفالييه أن يبوح بكل شيء.
14
كان هذا الشفالييه عائدا من قصر بوربيير، فلما دخل على لوسيان وأمه نظر إلى لوسيان نظرة معنوية باغتتها الكونتس، فقالت في نفسها: لا شك أن بينهما سرا لا بد لي من الوقوف عليه.
وجلسوا جميعهم حول مائدة العشاء، فكان لوسيان باش الوجه منبسط النفس لما رآه من موافقة أمه على عدم زواجه بابنة عمه، فلما فرغوا من العشاء دعت الكونتس الشفالييه إلى ملاعبتها بالشطرنج.
وكانت تقصد بذلك الاختلاء معه، فإنها كانت تعلم أن ابنها يكره الشطرنج كرها شديدا بحيث لا يجلس في مجالس لاعبيه.
وقد اتفق لها ما أرادت، فإنه بعد أن أحضر الخادم لهما الشطرنج أقام لوسيان معهما هنيهة ونزل إلى الحديقة.
وعند ذلك خلت الكونتس بالشفالييه فقالت له: إنك صديق ولدي الحميم، أليس كذلك يا شفالييه؟ - أتشكين بذلك يا سيدتي؟ - ليس لي أقل ريب، ولهذا أردت أن أكلمك بشأنه على انفراد، فإن ولدي يخبرك بسرائه وضرائه، وأنت واقف على جميع أسرار قلقه دون شك. - هو ذاك يا سيدتي، فإني أعلم أن العلائق فاترة بينه وبين ابنة عمه. - إنهما مختصمان. - ولكنه خصام لا خطورة فيه. - وفوق ذلك فقد علمت أنه يعشق سواها، وأريد أن أعرف منك تلك التي يعشقها.
فنظر إليها الشفالييه متكلفا الانذهال دون أن يجيب، فقالت له: إني لست من الأمهات الظالمات، فإذا كان لوسيان يأبى الزواج بابنة عمه فلا أعترضه فيما يريد وليتزوج من يشاء، غير أني أريد أن أعرف تلك التي يهواها.
فسر الشفالييه لما رآه من عدم إصرار الكونتس على زواج ابنها بابنة عمه؛ فإن ذلك يمهد له سبيل الزواج بها، وقال للكونتس بعد أن تظاهر بالتردد: إنك تسألينني يا سيدتي أن أبوح لك بسر قد تكون الإباحة به خيانة. - إني لم أفهم ما تقول. - افترضي يا سيدتي أنني بدلا من أن أحدث أما ذكية الفؤاد مثلك أكلم أما ملأ قلبها الحنو.
Неизвестная страница