طار كتابه في الخافقين ذكره، وذاع بين الأئمة نشره، واعتنى الناس بحفظه وتفهمه، وَأَكَبُّوا على تعليمه وتعلمه، لا جرم اعتنى الأئمة بشرحه، وانتدبوا لإبراز معانيه عن سهام قدحه» (١).
وكان من أولئك الذين عكفوا على شرحه، وبيان أحكامه ومسائله، وإبراز فوائده، واستنباط الدرر منه: الإمام، العلامة، المتفنن، تاج الدين الفاكهاني المالكي ﵀، الذي يعد كتابه الأول من بين شروح العمدة المطبوعة الذي تناول فقه مذهب إمام دار الهجرة مالك
﵀.
وهو المطبوع الأول من بين شروحها التي عنيت بمسائل ونكات العربية، جامعة مادة كتابه من تقييدات أكابر شراح الحديث؛ كالخطابي، والمازري، وابن العربي، والقاضي عياض، والنووي، وابن دقيق العيد ﵏ أجمعين-.
وحافظا لنا كثيرا من النصوص عن كتب مفقودة، أو ما زالت في عالم المخطوط؛ كـ «رجال العمدة» للصعبي، و«شرح الأحكام لعبد الحق الإشبيلي» لابن بزيزة، و«البيان والتقريب في شرح التهذيب للبراذعي» لابن عطاء الله لمالكي، وغيرها.
ولله در الإمام الفاكهاني حيث يقول: «فسبيلك -أيها الناظر المنصف في هذا المصنف- أن تنظره بعين الرضا، ولا ترمقه معرضا إن رمت له إنصافا، ولم توله منك
_________
(١) انظر: «النكت على العمدة» للزركشي (ص: ٢).
مقدمة / 6