Роман, который еще не написан
فرجينيا وولف … رواية لم تكتب بعد
Жанры
1
ومحاورة تخيلية مع المؤلفة، وتقدمة بقلم المترجمة تحمل عنوان «جيوب مثقلة بالحجارة» في إشارة إلى انتحار فرجينيا وولف المأساوي قبل خمسة وستين عاما.
الرواية مروية بضمير المتكلم، ومسرح أحداثها - إن صح أن فيها أحداثا - عربة قطار يمر بالجزء الجنوبي الشرقي من الريف الإنجليزي، منطلقا من لندن. والراوية (الأغلب أنها امرأة) تشترك في العربة مع خمسة مسافرين لا يلبثون أن يهبطوا - واحدا في إثر آخر - في محطاتهم، فلا يتبقى معها سوى امرأة تختار الراوية أن تدعوها «ميني مارش». وتتخيل الراوية مواجهة كبرى بين هذه العانس الفقيرة؛ ميني مارش، وزوجة أخيها المدعوة «هيلدا». وثمة لمحات عن ميني مارش بأعين الآخرين، إلى جانب عيني الراوية؛ فالعاملون في المستشفى يتعجبون من نظافة ثيابها الداخلية؛ مما يدل على أنها (وإن تكن رقيقة الحال) سيدة حسنة التربية. ولا تلبث تخيلات الراوية الصامتة أن تقاطع وتنزل إلى الأرض من سبحاتها في الفضاء عندما تروح «ميني مارش» - إذ تستعد لأكل وجبتها الخفيفة؛ بيضة مسلوقة - تعلق بصوت عال: «البيض أرخص!» وعلى طريقة تداعي الأفكار، التي شهر بها جويس وفرجينيا وولف ووردورثي رتشاردسن، يستثير الفتات الأصفر والأبيض المتساقط من البيضة سلسلة من الصور.
الرواية عميقة الجذور في زمانها ومكانها. فهناك، مكانيا، إشارات إلى إيستبورن؛ وهي منتجع على شاطئ البحر، ولويس؛ وهي بلدة في شرقي مقاطعة سسيكس، وكاتدرائية القديس بولس في لندن (المقابل الإنجليزي لكاتدرائية القديس بطرس في روما) وغيرها.
وهناك ذكر لجريدة «التايمز»؛ كبرى الجرائد اليومية البريطانية، ول «الحقيقة» وهي مجلة أسبوعية كانت ذات رواج شعبي في يومها. وهناك ابتعاث لشخصيات من الماضي القريب والبعيد: مثل بول كروجر (1825-1904م)؛ وهو سياسي من الترنسفال، كان معارضا للنفوذ البريطاني في جنوب أفريقيا، ثم صار رئيسا لجمهورية البوير لمدة عشرين عاما، وتبينه صوره في معطف رسمي بوجه ملتح صارم، ومثل الأمير ألبرت (1819-1861م) زوج الملكة فكتوريا ملكة بريطانيا، ومثل السير فرنسيس وريك (1540-1596م) وكان مستكشفا إنجليزيا وقبطانا بحريا يأسر السفن الإسبانية، عند عودتها من أمريكا الجنوبية محملة بالذهب والفضة المسروقين من الهند (من صور الرواية الشعرية: صورة للهنود على شكل كتل متدحرجة من الرخام على جبال «الأنديز» لسحق الغزاة الأوروبيين). ومن الشخصيات التخيلية في الرواية: مندوب مبيعات مسافر، تختار له الراوية اسم «جيمس مجردج»، وتتخيله يبيع أزرارا، ثم تردف ذلك بوصف وجيز لبضائعه.
هذه - باختصار - قصة إنجليزية مغروسة في تربتها المحلية، ولا سبيل لتذوقها تذوقا كاملا - فثمة مستويات عدة للتذوق - إلا إذا كنت قد ركبت قطارا إنجليزيا يخترق بك الريف الإنجليزي، وخالطت ركابه، وعرفت كيف يعيش هؤلاء القوم وكيف يفكرون ويشعرون ويسلكون.
لكن الرواية - وهنا مكمن تشويقها وفرادتها - ثمرة حساسية حداثية تخترق طرائق السرد التقليدي والوصف الخارجي (على طريقة آرنولد بنيت وجولز ورذي وه. ج. ولز، ممن اشتدت المؤلفة في نقدهم)، وتحطم قواعد المنظور (أستعير العبارة من يوسف الشاروني)، لكي تنفذ من قشرة المظاهر الخارجية إلى اللب الروحي العميق، إلى مركز الأرض الباطني الموار بالحرارة والجيشان والانفعال. هذه بمعنى من المعاني، «ميتا-رقصة»، بمعنى أنها انكفاء على الذات الداخلية، وتأمل من جانب الراوية لطريقة كتابة رواية. وأزعم أنها تردنا إلى مقالة مؤرخة في عام 1925م لفرجينيا وولف، أعيد طبعها بعد وفاتها في كتابها المسمى «فراش موت الربان » 1950م، وعنوانها «السيد بنيت والسيدة براون»، وفيها تروي الكاتبة لقاء بينها - في عربة قطار متجه من رتشموند إلى وترلو - وبين سيدة ستطلق عليها اسم السيدة براون، وهي نسخة مبكرة من ميني مارش. تعاني الفقر، ويبتزها رجل يدعى السيد سميث لأسباب لا تفصح عنها الكاتبة تماما، ولكنها تظل في قلب تعاستها، محتفظة بكبريائها الإنساني وروحها النبيل.
2
والحوار التخيلي الذي يعقب الرواية، نقلته فاطمة ناعوت عن شبكة الإنترنت ثم قامت بترجمته. وهو يلقي أضواء على جوانب من حياة فرجينيا وولف وفكرها وفنها: صورة الحياة في بريطانيا في أثناء سنوات الحرب العالمية الثانية، ونزعة الكاتبة النسوية في كتابيها: «غرفة خاصة»،
3
Неизвестная страница