الملك أن الأفضل في هذا المقام أن يملك نفسه ويقهر غضبه، ويصفح عن فرد ارتكب جريمة السرقة، فإنه إذا أسخط هذا الأمير ورفض طلبه، اختلت الأمور، واستشرى الفساد في مملكته، وفقدت الشيء الكثير من بهائها ومهابتها، وهذا النوع من الشفاعة يسمى شفاعة الوجاهة، ومعلوم أنه لا مساغ لهذا النوع من الشفاعة عند اللَّه، ولا مجال له، فمن رجا من نبي أو ولي، أو إمام أو شهيد، أو ملك أو شيخ مثل هذه الشفاعة، ونظر إليه كشفيع تقبل شفاعته لا محالة لعظم جاهه، وعلو منزلته، فقد أوغل في الشرك والجهالة، فإنه لم يقدر اللَّه حق قدره، وما شم رائحة العلم والمعرفة، فإن اللَّه هو رب الأرباب، وملك الملوك، قد وسع كرسيه السماوات والأرض، وإنه يقدر أن يخلق بمجرد الأمر، بكلمة " كن " آلافا مؤلفة من الأنبياء والأولياء، والجن والملائكة، كأول ملك، وأول نبي، فلا أفضل في الملائكة من جبريل، ولا أفضل في الأنبياء من محمد صلى اللَّه عليه
وسلم، وإذا شاء قلب هذا العالم رأسا على عقب، من الثريا إلى الثرى، وأنشأ عالما جديدا مكان هذا العالم، لأن كل شيء يظهر إلى الوجود بمجرد أمره، لا يحتاج في إيجاد شيء، أو تحقيق أمر إلى الأسباب والوسائل، أو المواد الأولية، وإذا كان جميع الخلق أولهم وآخرهم، وإنسهم وجنهم على قلب أفضل ملك، أو أفضل نبي، ما زاد ذلك في ملكه، وإذا كانوا كلهم على هيئة شيطان، أو دجال لم ينقص ذلك من بهاء ملكه، فهو في كل حال أعظم من كل عظيم. وقاهر الملوك
1 / 118