وأجزلهم رأيًا، وأثقبهم بصيرة؟ فهذه دلالة "الأحوال".
٧ - وأما "الأقوال" فكثيرة:
منها حديث ابن المغيرة، روى أنه جاء حتى أتى قريشًا فقال: إن الناس يجتمعون غدًا بالموسم، وقد فشا أمر هذا الرجل في الناس، فهم سائلوكم عنه فماذا تردون عليهم؟ فقالوا: مجمون يخنق. فقال: يأتونه فيكلمونه فيجدونه صحيحًا فصيحًا عاقلًا، فيكذبونكم! قالوا نقول: هو شاعر. قال: هم العرب، وقد رووا الشعر، وفيهم الشعراء، وقوله ليس يشبه الشعر، فيكذبونكم! قالوا نقول: هو كاهن. قال: إنهم لقوا الكهان، فإذا سمعوا قوله لم يجدوه يشبه الكهنة، فيكذبونكم!
ثم انصرف إلى منزلة فقالوا: صبأ الوليد يعنون: أسلم، ولئن صبأ لا يبقى أحد إلا صبأ. فقال لهم ابن أخيه أبو جهل بن هشام بن المغيرة: أنا أكفيكموه. قال: فأتاه مخزونًا فقال: ما لك يا ابن أخ؟ قال: هذه قريش تجمع لك صدقة يتصدقون بها عليك، تستعين بها على كبرك وحاجتك. قال: أولست أكثر قريش مالًا؟! قال: بلى، ولكنهم يزعمون أنك صبأت لتصيب من فضل طعام محمد وأصحابه. قال: والله ما يشبعون من الطعام، فكيف يكون لهم فضول؟!
ثم أتى قريشًا فقال: أتزعمون أني صبأت؟ ولعمري ما صبأت، إنكم قلتم: محمد مجنون، وقد ولد بين أظهركم لم يغب عنكم ليلة ولا يومًا فهل رأيتموه يخنق قط؟ وقلتم: شاعر؟ وأنتم شعراء، فهل أحد منكم يقول ما يقول؟ وقلتم: كاهن، فهل حدثكم محمد في شيء يكون في غد إلا أن يقول إن شاء الله! قالوا: فكيف تقول يا أبا المغيرة؟ قال: أقول هو ساحر: فقالوا: وأي شيء السحر؟ قال: شيء يكون ببابل، من حذقه فرق بين الرجل وامرأته، والرجل وأخيه، إنا لله، أفما تعلمون أن محمدًا فرق بين
1 / 122