Послание к жителям пограничья
رسالة إلى أهل الثغر بباب الأبواب
Исследователь
عبد الله شاكر محمد الجنيدي
Издатель
عمادة البحث العلمي بالجامعة الإسلامية،المدينة المنورة
Номер издания
١٤١٣هـ
Место издания
المملكة العربية السعودية
Жанры
Религии и учения
ولغيرهم أن ذلك من فعل الله وأن ليس يبلغه قدرهم، ولا يطمع فيه خواطرهم١.
وكما قطع عيسى ﵇ عذر من كان في زمانه من الأطباء الذين قد برعوا في معرفة العقاقير، وقوامًا٢ في الحشائش، وقدر ينتهي إليه علاجهم "وتبلغه حيلهم"٣، بإحياء الموتى بغير علاج، وإبراء الأكمه والأبرص وغير ذلك مما قهرهم به، وأظهر لهم منه ما يعلمون بيسير٤ الفكر أنه خارج عن قدرهم٥ وما يصلون إليه بحيلهم٦.
_________
١ أيد الله ﷾ نبيه موسى ﵇ بتسع آيات كما ذكر في كتابه: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى تِسْعَ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ فَاسْأَلْ بَنِي إِسْرائيلَ إِذْ جَاءَهُمْ فَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلاءِ إِلا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ ...﴾ . سورة الإسراء: آية (١٠١، ١٠٢) .
قال ابن عباس: الآيات التسع هي: يده، وعصاه، ولسانه، والبحر، والطوفان، والجراد، والقمل، والضفادع، والدم. (انظر: تفسير الطبري ١٥/١٧١ من الطبعة الثالثة ١٣٨٨هـ طبع شركة الحلبي بالقاهرة) .
وكان على رأس هذه المعجزات العصا التي أعجزت فرعون الطاغية وحاشيته، ولما رأى السحرة أمرها أيقنوا أن الحق مع صاحبها، وأنه مؤيد من الله الذي يدعو إليه، فخروا له ساجدين، وفي ذلك يقول الله في القرآن الكريم: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾ . سورة الأعراف: آية (١١٧- ١٢٢) .
٢ في (ت) "وحوامًا" وفي نسخة ابن تيمية "وقوى ما في الحشائش".
٣ ما بين القوسين سقط من (ت) وفي الأصل: "وتبلغوه حيلهم" وما أثبته من نسخة ابن تيمية.
٤ في الأصل "بتيسير" والتصحيح من (ت) .
٥ في الأصل "قهرهم"، وما أثبته من (ت) .
٦ أرسل الله عيسى ﵇ إلى بني إسرائيل، وأيده الله ﷾ بمعجزات خارقة جمعها القرآن الكريم في خمسة أشياء وهي:
أ - خلق الطين طيرًا بإذن الله.
ب- إبراء الأكمه والأبرص بإذن الله.
جـ - إحياء الموتى بإذن الله.
د - إنزال المائدة له من عند الله.
هـ - الإنباء بأمور غائبة عن حسه.
ويرى الأشعري أن هذه المعجزات جاءت موافقة لما كان عليه أهل عصره وزمانه.
وابن كثير يوافق الأشعري فيما ذهب إليه، ويعرض هذا الأمر بتفصيل فيقول: "كانت معجزة كل نبي في زمانه بما يناسب أهل ذلك الزمان فذكروا أن موسى ﵇ كانت معجزته مما يناسب أهل زمانه، وكانوا سحرة أذكياء ...، وهكذا عيسى بن مريم بعث في زمن الطبائعية الحكماء، فأرسل بمعجزات لا يستطيعونها ولا يهتدون إليها...، وهكذا محمد ﷺ وعليهم أجمعين بعث في زمن الفصحاء البلغاء، فأنزل الله عليه القرآن الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه...". (انظر: البداية والنهاية ٢/٨٤) .
ويعرض الدكتور محمد أبو زهرة لرأي ابن كثير، ويرد عليه، ويرى أن معجزة عيسى ﵇ لم تكن على هذا النحو ولكن من بعث فيهم أطباء بل لأنه قد ساد إنكار الروح في أقوال بعضهم وأفعال جميعهم، فجاء ﵇ يعلن عن عالم الروح، ويتمثل ذلك في نفخه للطين المصور على شكل طير فيكون طيرًا بإذن الله...". (انظر: كتابه محاضرات في النصرانية ص٢٢) .
وأنا أرى أنه لا معارضة بين القولين، لأننا إذا تأملنا معجزات عيسى ﵇ سنجد أنها جمعت الأمرين معًا، فهي أقهرتهم وأقامت الحجة عليهم لما عجزوا عن معارضتها وهي من جنس ما يفعلون، وهي في نفس الوقت دالة على وجود الروح وأهميتها، ومبينة لمنزلتها ومكانتها. والله أعلم.
1 / 95