أجناس الطعام، إذ عليه مدار هذه الجملة والسلام؛ ولا يخرج في جميع ذلك عن طريق من مضى من السلف الصالح المقتدي بهم في الدين - والذي يترتب على هذه الجملة مع ظهور الجرأة والاستهتار، الردع والزجر نكاية للأشرار، والأدب والنكال، يختلف باختلاف الأحوال؛ فليس ذوو الحرف الخسيسة، كأهل الصناعات النفيسة، ولا الجرئ المتساهل كالغبي الجاهل؛ والناس في هذه الحقوق، كالأعصاب والعروق، فمنها ما يكفي فيه التوبيخ والدلك اليسير، على قدر السياسة وحسن التدبير، ومنها ما يحتاج إلى القصد ووضع المحاجم على قدر القوة وحذق الحاكم؛ فإن عظم الأمر، وبان الطغيان، فلابد من استعمال الكي وتبرد الشريان. فإن سقط النص، وأبهم الإلغاز، فسترد عليك أنصاص تدل على الجواز. والتعزير موكول إلى اجتهاد الحاكم، ويعتبر فيه الحال الجاني وصفة الجناية. ويحذر أن يزاد في التعزير على الحد، وقد ضرب عمر ﵁ الذي زوّر على طابعه نحوا من ثلاثمائة سوط، وقد كان على رأسه قلنسوة؛ فعلاه عمر بالدرة، فسقطت قلنسوته، فقال: " لو وجدته مسبودا، لضربت عقنه! " وأمر مالك ﵁ في الذي خلا بصبي أن يضرب، فكرر عليه الضرب، حتى بلغ أربعمائة سوط، فتعرض له والد المضروب، فقال له: " يا أبا عبد الله! ما قامت السموات على الأرض إلا بالحق! " فقال له مالك: " إن الذي أتى ولدك أكبر الباطل! ويجوز أن يصلب في التعزير"، وقد صلب رسول الله ﷺ رجلا على جبل يقال له أبو ناب؛ ولا يمنع إذا صلب من طعام ولا شراب، ولا يمنع من الوضوء للصلاة، ويصلي مومئا، فإذا أرسل أعاد الصلاة، ولا يتجاوز بصلبه ثلاثة أيام، ويجوز في التعزير
1 / 127