فصل
وقول القائل: المناسبة: لفظ مجمل؛ فإنه قد يراد بها التولد والقرابة، فيقال: هذا نسيب فلان ويناسبه، إذا كان بينهم قرابة مستندة إلى الولادة والآدمية، والله ﷾ منزه عن ذلك، ويراد بها المماثلة فيقال: هذا يناسب هذا، أي: يماثله، والله ﷾ أحد صمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوًا أحد. ويراد بها الموافقة في معنى من المعاني، وضدها المخالفة.
والمناسبة بهذا الاعتبار ثابتة، فإن أولياء الله تعالى يوافقونه فيما يأمر به فيفعلونه، وفيما يحبه فيحبونه، وفيما نهى عنه فيتركونه، وفيما يعطيه فيصيبونه، والله وِتْرٌ يحب الوتر، جميل يحب الجمال، عليم يحب العلم، نظيف يحب النظافة، محسن يحب المحسنين، مقسط يحب المقسطين، إلى غير ذلك من المعاني؛ بل هو سبحانه يفرح بتوبة التائب أعظم من فرح الفاقد لراحلته عليها طعامه وشرابه في الأرض المهلكة، إذا وجدها بعد اليأس، فالله أشد فرحًا بتوبة عبده من هذا براحلته، كما ثبت ذلك في الصحاح عن النبي ﷺ.
1 / 48