على فعله لذلك الغير، وعلى معاونة ذلك الغير في كماله، ومعاونة ذلك الغير في كماله موقوف عليه؛ إذ فعل ذلك الغير، وأفعاله موقوفة على فعل المبدع لا تفتقر إلى غيره، فيلزم ألا يكون كماله موقوفًا على غيره.
فإذا قيل: كماله موقوفًا على مخلوقه، لزم ألا يتوقف على مخلوقه، وما كان ثبوته مستلزمًا لعدمه كان باطلًا من نفسه. وأيضًا، فذلك الغير كل كمال له فمنه وهو أحق بالكمال منه، ولو قيل يتوقف كماله عليه لم يكن متوقفًا إلا على ما هو من نفسه، وذلك متوقف عليه لا على غيره.
وإن قيل: ذلك الغير ليس مخلوقًا بل واجبًا آخر قديمًا بنفسه. فيقال: إن كان أحد هذين هو المعطي دون العكس، فهو الرب، والآخر عبده.
وإن قيل: بل كل منهما يعطي للآخر الكمال، لزم الدور في التأثير وهو باطل، وهو من الدور القبلي، لا من الدور المعي الاقتراني فلا يكون هذا كاملا حتى يجعله الآخر كاملًا، والآخر لا يجعله كاملًا حتى يكون في نفسه كاملًا، لأن جاعل الكامل كاملًا أحق بالكمال ولا يكون الآخر كاملًا حتى يجعله كاملًا، فلا يكون واحدًا منهما كاملًا بالضرورة، فإنه لو قيل: لا يكون كاملًا حتى يجعل نفسه كاملًا، ولا يجعل نفسه كاملًا حتى يكون كاملًا لكان ممتنعا، فكيف إذا قيل: حتى يجعل ما يجعله كاملًا كاملًا؟ !
1 / 14