الحرب هي المنبع الوحيد للاسترقاق، ولكن لا على إطلاقه، بل ذلك مقيد بشرطين: أحدهما أن تكون الحرب قانونية منتظمة، والآخر أن يكون القتال مع القوم الكافرين.
قال الله عز وجل في كتابه المنزل على نبيه المرسل:
قاتلوا - أي: قتالا قانونيا -
الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله - يعني الخمر والميسر -
ولا يدينون دين الحق - لا يدينون بدين الإسلام -
من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية - إن لم يسلموا - الآية (في هذه الآية تمييز بين الوثنيين والكتابيين).
ولذلك كان المسلمون قبل أن يفتحوا بلدا من البلدان يبعثون إليها وفودا للمداولة في شأن الصلح، ويقترحون أمورا تكاد تكون واحدة في كل البلدان والأقطار، وذلك أنهم يقولون ما معناه: «قد أمرنا رئيسنا بقتالكم إذا لم تقبلوا شريعته، فكونوا منا تكونوا إخوانا لنا، واتبعوا ما فيه صالحنا، واقتدوا بشعائرنا حتى لا يمسكم سوء منا، فإن لم تفعلوا فادفعوا لنا جزية سنوية في مواقيت معينة ما دمتم على قيد الحياة، ونحن نقاتل كل من يريد أن يلحق بكم ضيرا أو ضررا، وكل من يعاديكم بأي وجه من الوجوه، ونحافظ على محالفتكم بالصدق والأمانة، فإن أبيتم هذا أيضا، فليس بيننا وبينكم سوى الحرب، ولا نزال نصلي عليكم نار الوغى حتى نتمم ما أمرنا به الله عز جل.»
ومتى قبل الكفار بأحد هذين الشرطين، وفاهم المسلمون عهودهم وأنجزوا معهم وعودهم، ولم ينحرفوا قط عن هذا السير المحمود، وكانوا يعاملون المغلوبين المكسورين باللطف والمجاملة، وشاهدنا على ذلك ما فعله الخليفة عمر بن الخطاب
2
رضي الله عنه في بيت المقدس
Неизвестная страница