وغيرهما من الولايات الجنوبية أن المولى «له حق المالك المطلق على عبده»؛ فله بيعه وإجارته ورهنه وخزنه وإجراء الجرد عليه، وأن يقامر عليه، وغير ذلك من الأعمال، ولما كان العبد مسلطا عليه أبدا كان من المحتوم عليه أن يحترم سيده وأعضاء عائلته احتراما ليس بعده احترام، ويطيعهم طاعة لا حد لها (يراجع القانون الأسود لولاية لويزيانا).
أما حق مدافعة الإنسان عن شخصه، وهو من الحقوق المخولة بالطبع لكل فرد من أفراد بني آدم، فما كان للزنجي المستعبد أن يتمتع به، ذلك كما قضى القانون الأسود لولاية كارولينا الجنوبية، ولم يكن للعبد حق في الذهاب والمجيء، وما كان له أن يخرج من الزرع إلا بتصريح قانوني واف لجميع الشروط المفروضة، على أن هذا التصريح كان له آفة تذهب بالغاية منه، وذلك أنه إذا اجتمع في الطريق العام أكثر من سبعة من الأرقاء يعتبرون مخالفين للأوامر، وأول أبيض يصادفهم في الطريق له أن يلقي القبض عليهم ويجلدهم عشرين جلدة. وكان العبد معتبرا شيئا لا إنسانا، فكان الذين ينقلونه من مكان إلى آخر مسئولين عن فقده وضياعه، وعن العوارض التي تصيبه، كما كانوا يسألون عن خسارة أو تلف حمل من الأحمال أو طرد من الطرود.
هذا، وقد نص القانون على أن العبيد لا نفس لهم ولا روح، وقضى بأن لا فطانة ولا ذكاء لهم، ولا إرادة، وما كانت الحياة تدب إلا في أذرعتهم فقط.
فمن ذلك يتضح أن حرية الزنجي كانت معدومة لا وجود لها، ولكن في نظير ذلك كانت مسئوليته عظيمة جدا، فكان يعتبر شيئا من الأشياء فيما يختص بحقوقه، وأما فيما يتعلق بالواجبات المفروضة عليه فإنه كان يعود له اعتبار الصبغة الآدمية والصفة البشرية، وكان القوم يعتبرونه حرا كلما كانت حريته تسوغ الحكم عليه بالسوط أو بالموت، وكان القانون ومشيئة المولى يفرضان عليه واجبات كثيرة، ويلزمانه بأمور متعددة، ويعاقبانه بالشدة والصرامة إذا ظهر منه العصيان، وكل ما يعتبر جناية من الأبيض فهو كذلك بالنسبة إلى الأسود من غير عكس، فيعاقب القانون الزنجي على جنح وجنايات يفعلها، ولا يسوغ معاقبة الأبيض عليها إذا وقعت منه، وما هذا إلا لمجرد اللون، ولذلك كانت العقوبات مختلفة اختلافا بينا بحسب الحكم بها على الأسود أو على الأبيض، وكان القانون العادي يحكم بالإعدام على كل زنجي يضرب ويجرح مولاه أو مولاته أو أولادهما أو يبتر عمدا عضوا من أعضاء شخص أبيض، أو يعود لضرب أبيض مرة ثالثة، أو يسرق أو يرفع لواء العصيان، أو يرتكب ما أشبه ذلك من الجرائم، ويحكم بالجلد على كل من كان سائرا بلا تصريح أو يغضب مولاه بسبب ما أو غير ذلك.
وفي الولايات الجنوبية المختلفة كان العتقى واقعين تحت طائلة القوانين الصارمة المسنونة لأجلهم، فما كان لهم قبل إبطال الاسترقاق أن يشهدوا في قضية ما إلا إذا دعوا للشهادة على الأرقاء أو على أمثالهم، ومع ذلك فما كان يجوز تحليفهم اليمين القانونية، لأنها أشرف وأسمى من أن يتفوهوا بها فيدنسوها بتفوههم، وكان لا يجوز لهم حمل السلاح، ومن خالف هذا النهي حكم عليه بالجلد، وقد ورد في نص القانون نفسه أنهم لا يجوز لهم أن يستروا جلودهم إلا بثياب من القماش الخشن الدنيء، حتى يكون في ذلك إعلام بشأنهم لمن يراهم من بعيد؛ مثل الليمانجية (المحكوم عليهم بالأشغال الشاقة)، وكان ذو اللون الذي يسب الأبيض أو يضربه يعاقب بالحبس والغرامة، فإذا كان الأبيض هو الذي سبق بضربه ثم تجارأ هو بالدفاع عن نفسه، وقتل المعتدي عليه حفظا لحياته، كان يعتبر مرتكبا لجريمة القتل، وواقعا تحت العقاب الذي تستوجبه، ولم يقتصر القانون على هذه النصوص والأحكام، بل حرم عليهم تقريبا حرية المرور، ولم يكن لهم الحق في طلب ورقة الجواز،
5
وكان لونهم سببا للريبة في أمرهم والاشتباه في أحوالهم، لأنه يجعلهم بمثابة الأرقاء، فلذلك ما كان يجوز لهم أن يسافروا خارج الحي المتوطنين به، لئلا يعرضوا أنفسهم للحبس والإهانة من ذوي اللون الأبيض، فإنهم يمكنهم أن يسرقوهم ويبيعوهم، وفي بحر سنة 1859 اقترعت الجمعية التشريعية في ولاية أركانزاس
6
على قانون مقتضاه نفي جميع ذوي الألوان من أراضيها، ثم ضبطت الحكومة جميع المنفيين الذين لم يتح لهم مفارقة مواطنهم قبل أول يناير سنة 1860 وباعتهم أرقاء في المزاد العمومي، وقد حصل مثل ذلك أيضا في ولايتي ميسوري
7
Неизвестная страница