لا بد أن يبتعد ويفكر في الأمر. على أي حال، كان قد حان الوقت لأن يستأذن في الانصراف.
سأل وهو يستعد للانصراف: «هل أخبرك كينريك أين كان يقيم؟» «لا. كما تفهم، لم نحدد موعدا قاطعا للقاء آخر. طلبت منه أن يأتي لزيارتي ثانية قبل أن يغادر لندن. وحين لم يأت اعتقدت أنه استاء، وربما غضب، من غياب ... تعاطفي، إن كان يجوز قول ذلك؟» «أجل، لا بد أن الأمر مثل صفعة له. وفي واقع الأمر، لقد أخذت كثيرا من وقتك، وكنت معي صبورا حليما. أنا ممتن لك كثيرا.» «سررت كثيرا بأنني كنت عونا لك. وأخشى أن عوني لم يكن ذا قيمة كبيرة جدا. إن كان يوجد أي شيء آخر يمكنني فعله في هذه المسألة، آمل مخلصا ألا تتردد في أن تطلبه مني.» «في الواقع ... يوجد شيء آخر، لكنك كنت لطيفا كثيرا بحيث أكره أن أطلبه منك. خاصة أنه غير ذي صلة بعض الشيء.» «وما ذاك؟» «أيمكنني استعارة الصورة الفوتوغرافية؟» «الصورة؟» «صورة فوهة النيزك. لاحظت أن الصورة مدرجة ضمن ألبوم صورك، وغير ملصوقة فيها. أود كثيرا في أن أريها لصديق كينريك. وأعدك بكل صدق أن أعيدها. وبحالة ممتازة ...» «بالطبع يمكنك الحصول على الصورة. ولا تزعج نفسك بإعادتها. لقد التقطت هذه الصورة بنفسي، وأحتفظ معي بالصورة السالبة منها. يمكنني طبع بديل لهذه الصورة في أي وقت بسهولة.»
أخرج لويد الصورة من مكانها في الألبوم بعناية، وسلمها إلى جرانت. ونزل إلى الطابق السفلي مع جرانت ورافقه إلى الباب، ثم تحدث قليلا عن الفناء الصغير حين أبدى جرانت إعجابه به، وانتظر في كياسة حتى وصل جرانت إلى البوابة ثم أغلق الباب.
فتح جرانت صحيفة المساء التي كانت موضوعة على مسند السيارة، ووضع الصورة بحرص وعناية بين طياتها. ثم قاد سيارته باتجاه النهر وعلى طول منطقة إمبانكمنت.
فكر جرانت في نفسه أن هذا المكان القديم يبدو كالمعتاد؛ كومة شنيعة من الركام غارقة في الغسق. وكذلك كان قسم البصمات حين وصل إليه. كان كاترايت يطفئ سيجارة في صحن كوب شاي بارد كان قد شرب نصفه ويبدي إعجابه بآخر أعماله؛ مجموعة كاملة من بصمات يد يسرى.
وقال وهو يرفع ناظريه عندما سقط عليه ظل جرانت: «رائعة، أليس كذلك؟ ستؤدي هذه البصمات إلى شنق بينكي ماسون.» «ألم يكن بينكي يملك ثمن زوج من القفازات؟» «هاه! كان بإمكان بينكي أن يشتري شركة دينتس للقفازات بأكملها. كل ما في الأمر أنه لم يصدق - بينكي الحاذق - أن الشرطة ستنظر في الواقعة باعتبارها أي شيء آخر إلا حادث انتحار. القفازات لحثالة وصغار المجرمين، كلصوص المنازل ومن على شاكلتهم، وليس لعقول مدبرة مثل بينكي. أكنت مسافرا؟» «أجل. ذهبت لصيد السمك في منطقة المرتفعات الاسكتلندية. إن لم تكن مشغولا للغاية، فهل بإمكانك أن تقوم بشيء غير رسمي من أجلي؟» «الآن؟» «أوه، لا. لا بأس بغد.»
نظر كاترايت إلى الساعة. وقال: «ليس لدي شيء أفعله حتى ألتقي بزوجتي عند المسرح. سنذهب لمشاهدة مسرحية مارتا هالارد الجديدة. لذا يمكنني فعل ذلك الآن إن شئت. أهي مهمة صعبة؟» «لا. بل في غاية السهولة. هاك ، في الزاوية اليمنى السفلية من هذه الصورة الفوتوغرافية، توجد بصمة إبهام جيدة. وأظن أنك ستجد على الوجه الآخر مجموعة لا بأس بها من بصمات الأنامل. أريد أن أتحقق من وجود تلك البصمات في الملفات.» «حسنا. هل ستنتظر؟» «أنا ذاهب إلى المكتبة. وسأعود.»
في المكتبة أخذ جرانت «دليل الشخصيات البارزة» وبحث عن كينزي-هيويت. وكانت الفقرة المكتوبة عنه متواضعة جدا مقارنة بنصف العمود المكتوب عن هيرون لويد. كان كينزي-هيويت يبدو رجلا أصغر في العمر بكثير، وكان متزوجا ولديه طفلان، ويقطن في لندن. بدا أن «الصلة الاسكتلندية» التي كان لويد قد أتى على ذكرها تتألف من حقيقة أنه كان الابن الأصغر لشخص يدعى كينزي-هيويت، والذي كان يملك منزلا في منطقة فايف الاسكتلندية.
في الواقع، الاحتمال قائم دوما بأنه كان حاليا، أو مؤخرا، في اسكتلندا. فتوجه جرانت إلى أحد الهواتف واتصل بعنوانه في لندن. فردت عليه امرأة جميلة الصوت وقالت إن زوجها لم يكن في المنزل. لا، لن يكون في المنزل لبعض الوقت؛ كان في شبه الجزيرة العربية. وهو في شبه الجزيرة العربية منذ شهر نوفمبر، وعودته ليست متوقعة حتى شهر مايو على أقل تقدير. شكرها جرانت ووضع السماعة. لم يكن كينزي-هيويت هو من ذهب إليه بيل كينريك. غدا، سيتعين عليه أن يبحث وسط الخبراء المتعددين في شبه الجزيرة العربية، واحدا تلو الآخر، ويطرح عليهم السؤال نفسه.
وبعد أن أمضى بعض الوقت بصحبة أصدقاء له كان قد التقى بهم مصادفة في تلك الساعة، عاد إلى كاترايت. «هل أحضرت الصورة أم إنني أبكرت في الحضور؟» «لم أحضرها فحسب، بل بحثت عنها في الملفات من أجلك. الإجابة هي لا.» «لا، لم أظن حقا أنه سيكون ثمة شيء. كنت فقط أجري تصفية. لكن شكرا لك على أي حال. سآخذ الصورة معي. ظننت أن عرض هالارد المسرحي الجديد تلقى تعليقات سيئة.» «أحقا؟ لم أقرأ تلك التعليقات قط. ولا بريل. إنها تحب مارتا هالارد فحسب. وأنا أيضا، إن تطلب الأمر ذلك. فهي تملك ساقين طويلتين رائعتين . طاب مساؤك.» «طاب مساؤك، وشكرا مجددا.»
Неизвестная страница