دكتور ملك :
خط القلب يدل على أن قلبك نقي. (وسكت لحظة يفكر بعمق.)
دكتور ملك :
قلبك نقي يا لاريسا، أنقى من أن يدرك شرور الحياة؛ ولذلك لن تصبحي كاتبة أبدا في يوم من الأيام.
وكان الكاتب السوداني «محمد سليمان» يتحدث بحماس إلى المترجم الروسي عن ثورة السودان.
والأديب الجزائري «مولود مامري» قد نسي «المايوه» في الفندق وراح يحملق في الماء طويلا، ثم ألقى بنفسه في البحر بملابسه. أما «يوري بتروفيش» فقد أمسك بأسياخ الكباب الساخن وراح يأكل بشهية وحماس ثم وقف على رأس المائدة وطلب أن يشرب الجميع نخب الصداقة السوفييتية العربية، وتسابق الجميع إلى رفع الكئوس، وأنشد شاعر طشقند باللغة الأزباكية أبياتا من الشعر.
وفي طريق العودة كان هناك لحن خافت ينبعث من مكان ما، وعلى جانبي الطريق أشجار وجداول مياه وبحيرات يستحم فيها أطفال ومبان تنشأ وطرق، وقبل أن تنحرف بنا السيارة إلى داخل المدينة رأيت امرأة تقود وابور زلط وترصف الطريق ولوحت لها من وراء الزجاج فاقتربت من السيارة وهي تقود وابور الزلط، رأيت وجها مرهقا ملوحا بالشمس وغارقا في العرق.
وسمعتها تقول شيئا بصوت غاضب، وترجمت لاريسا كلماتها. كانت المرأة تقول: أيها السياح لا تنظروا إلي «كالثور» في حديقة الحيوان، ولا تصدقوا أن المرأة تساوت هنا مع الرجل؛ فأنا أعمل في الشارع وفي البيت. •••
ركبت الطائرة إلى موسكو. لم أر موسكو بعد، وربما يكون ذلك أمرا معكوسا؛ فالناس تدخل البيوت من أبوابها وتدخل البلاد من عواصمها، ولكن قد يدخل الإنسان إلى البيت من النافذة.
وأزحت الستارة الشفافة عن النافذة الزجاجية العالية، في أعلى طابق فندق «روسيا» الضخم، فإذا بالميدان الأحمر يمتد فسيحا تحت عيني، وقباب الكرملين الذهبية تعلوها النجمة الحمراء اللامعة، والكنيسة المهجورة القديمة تحوطها السقالات؛ حيث تجري الترميمات استعدادا للاحتفال بمرور مائة عام على مولد لينين، وفي مواجهة الكنيسة ترقد مقبرة لينين المربعة الحمراء، ومن خلفها مقابر الشهداء ملاصقة لجوار الكرملين، ومن وراء سور الكرملين العالي يجري نهر موسكو صامتا إلا من لحن خافت لا أكاد أسمعه، وكنت مرهقة ولكني شعرت برغبة في أن أتجول في شوارع موسكو بالليل، ولبت رغبتي في السير صديقة روسية اسمها «فيرا» تعرفت عليها.
Неизвестная страница