بعد ان وارينا الميت الثرى ، وتلونا على روحه الصلاة ، طلبنا من القبطان ان يزودنا بخيول تحملنا الى بغداد ، كما كنا قد اتفقنا ، لكنه اصر ان نكمل السفر الى بغداد بقارب صغير ، لان تكاليف القارب ارخص بكثير. وقد اعدت الطلب بإلحاح ، لان الايام كانت تمضي بسرعة ، وكنت لا ازال اعاني من الالم لاصابتي بالزحار ، لان مياه الفرات لم تكن توافقني ، لكن الرجل عنيد في قوله ، فسلمنا امرنا لله وبقينا على مضض.
ذهبنا من الرماحية الى الكوفة (؟) Cufcus فسمعنا هناك ان الاسود هجمت في الليلة السابقة على القرية فافترست بقرة ، لكن الاهالي اتهموا النواتي بسرقتها. فاتخذوا من ذلك حجة ليهجموا علينا. فنشب شجار كدنا نذهب ضحية له ، ثم هدأ الطرفان في الآخر.
التقينا قبل ايام ونحن في الفرات ، برجل داخل سلة مطلية بالقار (القفة)، ومعه حمامتان وكان متجها نحو الجنوب في طريق البصرة ، وقد ارسل للاستفسار عن سفينتنا ، فصعد اليها وكتب بطاقتين ، ربطهما تحت جناحي الحمامتين واطلقهما فحلقتا قليلا فوقنا ، ثم اسرعتا في الطيران الى الامام ، لتصلا الى عشيهما حيث تركتا الافراخ وهناك يأخذهما صاحبهما فيطلع على الخبر الذي يريد معرفته.
ذهبنا من الكوفة الى الحلة (ILe) وكنا نسير بمحاذاة شاطىء جميل يقوم عليه نخيل كثير والمنطقة مأهولة بالسكان ، لكن الذباب كان كثيرا ولم يدعنا ننام ، فقد كان يهجم علينا ، ويتسلل تحت اغطيتنا وألحفتنا وداخل ملابسنا.
تقع بابل الاثرية الشهيرة هنا في الحلة ، وهذا القول يستنتج من دراسة الموقع على الفرات ، وكل القرائن تدل على ذلك ، كاعتدال الهواء ونقاء الدم وقرب البرج : ذاك البرج الذي يطلق عليه اسم برج (نمرود Nembrod بالرغم من ان البعض يزعم ان بابل هي تلك الاطلال الواقعة بالقرب من بغداد) (1) والاثار التي تشاهد هنا عظيمة.
Страница 58