فقررت السفر بها دون تأجيل الى فرصة اخرى (كما كان يحاول اقناعي بعض رفاقي بحجة الاستراحة من وعثاء الطريق). لكنني كنت اقول لهم «ان السفر ضروري ، اما الحياة فلا». فاتصلنا بقبطان السفينة وبموظفيها الهولانديين ، ودعوناهم الى زيارة الدير ، فاظهروا استعدادهم لتسفيري.
وكانت في حوزتي امانة القنصل الانكليزي «في حلب» وهي قطع ثلاثة من الزمرد. فسلمتها الى الاب مدبر الدير ليرسلها الى ايران ، وهكذا تخلصت منها ، لاني كنت طول الطريق خائفا عليها من الفقدان ، وكنت قد ضممتها مع دراهمي والكتب الرسمية بكل عناية ، وكنت اغير مخبأها من وقت الى اخر خوفا من وقوعها بيد الغرباء ، فقد اقتل اذا ما اطلع احدهم عليها ، لاني كنت احمل كتابا الى شاه فارس وهو عدو السلطان العثماني ، ولي كتاب موجه الى ملك المغول وهذا بدوره عدو الشاه الفارسي!
اتخذت خادما جديدا ملباريا يدعى نيقولا ، وكان منذ اربع عشرة سنة عند الاباء الرهبان ، منذ ان حرروه من الرق واعادوا اليه حريته ، اما موسى فقد تركته ليعود الى اهله لانه لا يفيدني في السفر الجديد وقد اعطيته ما يسره ثم ابدلت ثيابي التركية وارتديت الثوب الرهباني.
في اليوم الحادي عشر اخذني رفاقي في زورق الى حيث كان الهولنديون ، وكان يتبعنا عن كثب قارب عليه مسلمون ايرانيون يقرعون الطبول ويزمرون على الناي ، فذهبنا من المدينة الى السفينة ، وبعد ان صعدنا اليها ، بلغنا سلام زورقنا وقارب الايرانيين ، وهو عبارة عن طلقات نارية توديعية.
Страница 47