لي خادما مارونيا اسمه «موسى» ، كان يفهم اللغة ، كما اقتنيت ألبسة وسلاحا وكل ما هو ضروري للسفر.
وحدث قبل السفر بايام قليلة اني اصبت بحمى قوية (هي حسب قول بعضهم ضريبة لا بد ان يؤديها كل زائر لحلب!) وتخلصت منها بعد ثلاثة ايام بفضل العقاقير التي تناولتها ، لكنها تركتني ضعيفا ذابلا ، فاعتقد الجميع اني سأعدل عن السفر بسبب الوهن الذي استحوذ علي ، ولشدة الحر في ذلك الشهر ، لكني عزمت على السفر ، نظرا الى اهمية الرسالة التي انيطت بي. فسلمت نفسي الى عناية الرحمان ووضعت في يده الكريمة صحتي وحياتي.
وقد طلبت من القنصل الفرنسي ان يوصي بي خيرا لدى الاغا (1) الذي يرأس القافلة ، فقدم له قطعة من القماش ، وهذا ما فعله القنصل الانكليزي ايضا ، وقمت بدوري فذهبت لزيارة الاغا وقدمت له جبة طويلة مصنوعة من قماش الاطلس الاخضر الفاخر ، وغايتي ان يذود عني في السفر ويخلصني من المآزق التي تجابه المسافرين وخاصة المسافر المسيحي المسكين ، فوعدني الرجل خيرا ، وقال انه سيضعني في مكان الصدارة في قافلته ويعتبرني من رفاقه المقربين.
ذهبت لاقرأ السلام على القنصل الانكليزي قبل سفري واشكره على حسن صنيعه نحوي ، فطلب مني ان احمل معي الى البصرة او الى اصفهان ثلاث قطع من الزمرد النادر الثمين ، يقدر ثمنها بنحو ثلاثة الاف قرش (2)، فقبلت عن طيبة خاطر تأدية هذه الخدمة له. وقد اهداني صحنا مليئا بالحلويات فقبلتها بسرور ، وقد افادتني كثيرا في اثناء السفر.
ثم ذهبت لاودع الاخوة الرهبان ، ورؤساء الافرنج ، خاصة قنصل فرنسا (3) (الذي ودعني قائلا : اسأل الله ان اسمع انك وصلت بغداد مريضا!
Страница 16