Первое путешествие в поисках истоков Белого моря: Белый Нил
الرحلة الأولى للبحث عن ينابيع البحر الأبيض: النيل الأبيض
Жанры
السبت 14 شوال: وصلنا في الساعة الثامنة إلى قرب البحر الأبيض، وكانت جملة من سفننا قد تخلفت وراءنا فلم تدركنا إلا في الساعة الحادية عشرة، فقضينا الليلة تجاه البحر الأبيض.
الأحد 15 شوال: كان الجو قليل الضباب في الصباح عندما تحركنا، إلا أننا شهدنا قبيل الساعة التاسعة بالقرب من الضفة الشرقية للنهر بعض أكواخ وجملة أشخاص لم نستطع تمييزهم لبعدهم القصي عنا. والضفتان في هذا المكان من النهر تحف بهما أعواد الخيزران والبوص. وفي الساعة الحادية عشرة طوينا أشرعتنا وألقينا مراسينا وسط النهر بسبب سكون الريح من جهة ولتمكين السفن المتخلفة من اللحاق بنا.
الاثنين 16 شوال: إننا مع تحركنا للمسير مبكرين لم نستطع التقدم إلى الأمام لشدة الريح من جهة ولوجود كردة - أو فردة أو خردة - في طريقنا، فمنعنا هذا وذاك من متابعة السير واضطرت جملة من قواربنا إلى التخلف عنا، وقد لمحنا على مسافة ميل ونصف من الضفة الشرقية للنهر بضعة أكواخ وبعض أناس وحيوانات، فلما وصلنا إلى طرف الكردة تجاه الأكواخ السالفة الذكر وقفنا في مكاننا، فخرج للحال من الأكواخ عشرة أشخاص وتقدموا نحونا ومعهم عجل قتلوه على الشاطئ طعنا بحرابهم ثم لجئوا إلى الفرار فاعتراني من هذا الفعل شك وشبهة، فاستدعينا محمدا وهو أحد عساكرنا السودانيين وأصله من قبيلة الدنكا، فسألته عن رأيه في فعل هؤلاء الناس، فأجاب بأنهم أرادوا به الإشعار بنزعتهم العدائية، وأنهم أرادوا أن يبينوا لنا الطريقة التي عزموا على أن يعاملونا بمقتضاها. وفي الساعة الثانية وصل إلى الشاطئ أربعون رجلا ومعهم أربع بقرات تركوها خلفهم، وكانت شعورهم طويلة حمراء اللون وليس بينها وبين شعور غيرهم من السودانيين جامعة شبه، وكان في ذراع كل منهم دملج من سن الفيل أو الحديد أو النحاس على شكل الأساور، وكانت بأيديهم الحراب والنشاب، وكانت أجسامهم موشومة بالألوان كأجسام الشلك وإنما يتكلمون بلهجة تقرب من رطانة الدنكا، فقايضونا على ما معهم من الذرة والسمسم بأشياء من الزجاج، وقد فعلوا ذلك على غير علم من شيخهم لأننا لم نشك أبدا في أنه لو وقف على ما حصل منهم لما كتم غيظه، وهو ما حصل فعلا إذ علمنا أنه وبخ هؤلاء الرجال على فعلهم، فأمرت عندئذ محمدا بالذهاب إليه لطلبه فلم يحضر الرجل بنفسه، وإنما أرسل إلينا على يد آخر معزة وقليلا من التبغ على سبيل الهدية. ولطالما سألنا هذا الرسول واستفهمنا منه فلم نستطع أن نعلم من أقواله أكثر من أنه هو وأصحابه من النويريين، فأخلينا سبيله بعد أن أعطيناه شيئا من المصنوعات الزجاجية وقلنا له إنه كان يجب أن يحضر معه شيخه لما كان في عزمنا من إتحافه ببعض الهدايا، وأفهمناه بواسطة العسكري محمد أنه لم يكن هناك ما يدعو إلى خوفه، ثم أذنا له بالانصراف على أن يرافقه هذا العسكري. على أن الشيخ لم يرض بوسيلة ما التسليم بتأكيداتنا الودية، ولكن أرادت الحكمة الإلهية أن يدنو أحد رجاله من محمد ويخبره بما عزم عليه أصحابه من الكيد لنا والتنكيل بنا، وكان مما أخبره به أن المعزة المهداة كانت مسمومة، وأن الغرض الذي كانوا يسعون إليه هو اكتساب ثقتنا حتى إذا استنمنا إليهم عبثوا بنا شر عبث، وعلى أثر هذا أركن الرجل إلى الفرار.
ولقد بادر محمد برواية ما حصل على مسمعي، فأمرت في الحال بفحص المعزة وبيان السبب في انتفاخ جميع أجزاء جسمها وخروج زبد من فمها، فتأكد لي أن هذه العلامات تؤيد الشبهة في حق أولئك الناس وتدل على سوء نيتهم نحونا.
عندئذ أمرت بعض عساكر الذهبية الأولى بإطلاق النار، فأطاعوا الأمر فسقط رجل كان واقفا بجوار الشيخ قتيلا، وفر آخرون مثخنين بالجراح تاركين خلفهم ما كان معهم من الرماح والنبال، ولقد رأينا عندما تحركنا حلة الشيخ المذكور واقعة إلى الشرق على مسافة نصف ميل تحيط بها الأشجار الضخمة وتفصلها عن النهر بحيرة تكاثفت على شواطئها الأشجار والأدغال. وضفتا النهر في هذا المكان تخفيهما عن الأنظار شجيرات البوص والخيزران، وعندهما جزيرتان ذكرناهما في الجدول. ولما أدركتنا القوارب التي تخلفت عنا في الطريق ألقينا مراسينا كالمعتاد.
الثلاثاء 17 شوال: لم نر في هذا اليوم شيئا يستحق الذكر، وغاية الأمر أننا لمحنا قبيل الساعة الخامسة بعض الزوارق في ناحية الشرق ودخان النيران متصاعدا إلى عنان السماء على بعد ستة أو سبعة أميال في النهر. وقد مررنا بجزيرتين ذكرناهما في الجدول. وحافتا النهر في هذا المكان كثيرتا البوص والخيزران إلى حد أن هذين النبتين كانا يوغلان فيه بقدر ميل أو ميل ونصف.
الأربعاء 18 شوال: أخبرني أحد الضباط بأن عسكريا من عساكر السودانيين سقط في الماء فغرق. وفي الساعة الرابعة رأينا من ناحية الشرق جملة أكواخ تظللها الأشجار وتحوم حولها الناس والحيوانات، وكان بعض الناس على مقربة من النهر فلاذوا بالفرار حينما وقعت أنظارهم علينا. وفي الساعة السابعة اشتدت الريح فألقت بإحدى ذهبياتنا على مرتفع من قاع النهر فلم نتمكن من انتشالها إلا في الساعة العاشرة، وتخلفت عنا جملة من القوارب فاضطررنا إلى الوقوف لانتظارها. وضفاف النهر في هذا المكان ينبت فيها البوص والخيزران في جهات متفرقة منها. وقد لاحت لنا جملة أكواخ ولى ساكنوها الأدبار عندما وقع نظرهم علينا، وأغلبهم يعيشون من صيد البحر على شواطئ النهر.
الخميس 19 شوال: قبيل الساعة الثالثة شهدنا حلة صغيرة، ومع أن فريقا من ساكنيها قد دنوا من شواطئ النهر إلا أنهم لم ينتظروا وصولنا إليهم. وفي الساعة الخامسة مررنا بجزيرة، وفي الساعة التاسعة مررنا بأخرى، ومع أن هاتين الجزيرتين لم يزد طول إحداهما على ثلاثة أميال وطول الأخرى على أربعة، فإن تكاثف الخيزران والبوص عندهما حال دون جر القوارب باللبان، وهذا فضلا عن أن اشتداد تيار الماء جعل استعمال المجاديف عديم الجدوى، وأخذت هذه القوارب تتحول عن مجراها. ومع أننا لم نبصر بأثر من المساكن، فإن الدخان الذي كنا نراه متصاعدا إلى عنان السماء في جهات متقاربة من بعضها حملنا على الظن بوجودها. وكانت بالضفة الغربية أشجار متفرقة، وحافتا النهر كثيفتا البوص والخيزران. وقد ألقينا مراسينا في الساعة الحادية عشرة.
الجمعة 20 شوال: شهدنا في الساعة الثالثة من الصباح بعض أشجار الدلب بالضفة الغربية، والتقينا بكردة فكانت سببا في تخلف بعض القوارب، ولم نقطع من الطريق إلا قليلا. وقد رأينا فيلة كثيرة على الضفتين، كما رأينا أشجارا متفرقة وبوصا وخيزرانا متكاثفين.
السبت 21 شوال: تحركنا للرحيل مبكرين، فرأينا في الساعة الرابعة أشجارا على مقربة من النهر، وشهدنا أكواخا في الناحية الغربية، واستكشفنا في الساعة الخامسة في الناحية الشرقية بعض أكواخ أخذ ساكنوها يرمقوننا من بعيد. وفي الساعة الثامنة وقع نظرنا على عدد عظيم من الفيلة في الناحيتين.
Неизвестная страница