في هذه الجهة حيث يبلغ ارتفاعها عن سطح البحر نحو ١٥٠٠ متر. ومن عندها يتحدّر القطار إلى جهة الشرق مسافة ٤٤ كيلومترًا حتىّ يصل إلى المريجات، حيث هناك تنكشف المناظر الجميلة ذات اليمين على جبل بروق، وذات الشمال على جبل كنيسة. وبعد ذلك يرسو القطار على موقف المعلّقة، وهي تبعد عن مدينة بيروت بنحو ٥٦ كيلومترًا. وتلك البلدة هي الحدّ الفاصل بين ولاية سورية
وحكومة لبنان، ويوجد فيها كفر كبير إسلامي تابع لبلاد الشام، وفيها أيضًاَ بعثة إنجليزية ومدرسة لليسوعيّين. ثمّ إن هذه البلدة قريبة من قرية تسمّى زحلة من البلاد التابعة لحكومة الجبل. ويبلغ عدد سكانها نحو ١٥٠٠ نسمة، وهم عن بكرة أبيهم مسيحيّون كما أنّهم جميعًا يعنون بزراعة العنب ولهم به عناية زائدة، ولديهم نهر يسمّى البردوني. ويوجد في تلك البلدة دير ومدرسة لليسوعيّين أيضًا. وممّا يحفظه التاريخ لأهل زحلة والمعلّقة أنّهم كانوا أعظم الناس مصابًا وشقاء عند حدوث العاديات الّتي كانت وقعت في بلاد الشام من الدروز سنة ١٨٦٠. وبعد أن يفارق القطار محطّة المعلّقة، يمرّ هناك في وسط أرض واسعة وسهل فسيح بين لبنان والجبل الشرقي، وهو يمتدّ من الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي ٣٤، ٤٠، ٢٢ من العرض، وطوله نحو ٧٠ ميلًا وعرضه يختلف بين ٣و٧ أميال. وهذا السهل غاية في الخصب، تكثر فيه الزروع وفيه أكثر من ١٠٠ قرية عامرة، وتجري إليه ينابيع غزيرة من الجبال فتشقّه في أنحاء شتّى. ويسمّى هذا السهل ببقاع العزيز، نسبة في ما قيل إلى الملك العزيز بن السلطان صلاح الدين الأيّوبي. وهو غير البقاع الّتي تعرف ببقاع كلب، وهي أرض واسعة بين بعلبك وحمص ودمشق، فيها قرى كثيرة ومياه غزيرة. وأكثر شرب هذه الضياع من عين تخرج من جبل يقال لها عين الجر، وهي المعروفة اليوم بعنجر. وفي هذه البقاع يوجد قبر النبي إلياس ﵇. وهكذا يستمر القطار في سيره على أن يصل إلى رياق، وهي محطّة تبعد عن مدينة بيروت بمسافة ٦٦ كيلومترًا، وعندها ينتظر القطار نحو نصف الساعة. وفي تلك المدّة يتناول من شاء من المسافرين طعام الغذاء في مطعم تابع لأكبر فندق في دمشق يعرف بفندق الشرق الأكبر. ويمتدّ من
1 / 59