حتى ظننا أنا توسطنا جمعا من الأعداء، ثم مشى بنا القطار على هذه الحال، من الرجيف والوجيف، واللغط والصريخ ، حتى بلغنا دار الحمراء، وحمدنا الله تعالى على السلامة.
وأقبل علينا هناك بدوي يرعى إبل عرب عنزة، فطفق قومنا يسألونه عن مواطن العرب، وهل هم في بعد عنا أو قرب، وقد عرفه خوينا حامد ابن عبد الله، وبعد العناق والتقبيل، أخبره خوينا الخبر، وقص عليه القصص. ثم أرسل لنا الشيخ شلاش يقول: هنا نلقي عصا التسيار، وننزل نحن ومتاعنا من القطار، فنزلنا وأنا ثالث الرفيقين «شلاش وقريبه عبد الله» في هاتيك الأرض المترامية الأطراف القفراء. وودعنا الجنود وسائر الإخوان بالبكاء، وكل منا يدعو لصاحبه بالسلامة، وجرى القطار بهم قاصدا المدينة المنورة، واستأجر الشيخ شلاش من راعي الإبل جملا لحمل أثقالنا إلى حضرة الشيخ سلطان الفقير العربي السنحي، شيخ عرب «عنزة» الذي هو على مسافة ثلاث ساعات من دار الحمراء، من جهة الشرق الشمالي، ودفع له أجرة جمله ليرة ذهبا، وزاده مجيدين إكراما له، فطابت نفسه، وتهلل وجهه، وسقانا من حليب ناقته، ومشى الجمل أمامنا وجرينا نحن وراءه في جبال منفصلة بعضها عن بعض، على أشكال مختلفة، وهي ناصبة ماثلة مختلفة الحجوم، طلعها كأنه رؤوس الشياطين، ولكن حصباء تلك الأرض نقية جدا، وكأنها الدر، بين أبيض وأحمر،
Страница 31