Путешествие во времена Нубии: Исследование древней Нубии и перспективы будущего развития
رحلة في زمان النوبة: دراسة للنوبة القديمة ومؤشرات التنمية المستقبلية
Жанры
أما منطقة النوبيين فهي طرف النقيض لمنطقة الكنوز، فنرى أن منحنى تواجد الذكور في القرى النوبية هو فوق المتوسط بصفة دائمة عدا الديوان وأبو حنضل؛ حيث تتشابهان مع منطقة العليقات التي تكاد تمثل المتوسط العام للنوبة، وأعلى نسبة لتواجد الذكور هي تلك التي نجدها في المناطق الزراعية الغنية في بلانة وأدندان وتوشكى وإبريم والدر.
نمط العمران السكني
تتشكل المساكن النوبية من تجمع عدة نجوع يطلق عليها اسم جماعي واحد مثل دابود أو الدر أو المالكي، ومن الناحية العلمية آثرنا تسمية مثل هذه التجمعات «قرى»، بالرغم من عدم انطباق مصطلح القرية بصورة مرضية، ولكن لأن أساس قيام السكن كان هو الزراعة في الماضي الطويل، وحتى بعد إنشاء سد أسوان؛ فهي قرى ونجوعها نواح أو محلات، ونتيجة لانتشار النجوع على مسافات متباعدة فإنها قرى منتشرة أو مبعثرة
dispersed settlements ، مثلها في ذلك مثل نمط السكن في الوديان الجبلية، أو القرى الطولية التي تمتد بحذاء الطريق الرئيسي، والنيل هنا هو الطريق الرئيسي الذي يلم شتات النجوع والقرى، وسوف نستعمل المصطلح الإداري «عمدية» - نسبة إلى عمدة - بدلا من قرية؛ لأنها التسمية المتعارف عليها بين السكان.
والغالب أن مركز الثقل في العمديات النوبية كان المسجد الكبير والنجع الذي تسكنه أقوى العشائر أو مجموعات النسب، وبالتالي عمدة القرية أو أكبر شيوخها، وقد أضيف إلى المنطقة المركزية تواجد مكتب البريد ومحطة الباخرة النيلية الأسبوعية منذ أوائل هذا القرن - وسوف نشير إلى هذه الباخرة فيما بعد باسم «البوستة»؛ تمشيا مع الاسم الذي يطلقه السكان عليها - وارتبط بالمحطة النهرية الدكان أو الدكاكين الرئيسة في القرية.
وبعض العمديات تتكون من نجوع قليلة العدد، مثل معظم عمديات العليقات (شاترمة والسنجاري وكورسكو لكل ستة نجوع)، وبعض قرى النوبيين (أبو حنضل خمسة نجوع، ولكل من الدر وقتة وأرمنا وقسطل سبعة نجوع)، وعمديات أخرى تتصف بعدد كبير من النجوع: ففي إقليم النوبيين نجد أعلى عدد هو في بلانة وتوشكى غرب (27 و25 نجعا على التوالي)، وفي إقليم الكنوز تتكون أمبركاب من 39 نجعا ودابود 26 وكلابشة 22 وقرشة 20، بينما تتشكل المالكي من 18 نجعا، وهو أعلى رقم في منطقة العليقات.
وفي الأغلب أن كثرة النجوع تساوي امتدادا كبيرا للعمدية على ضفة النهر أو ضفتيه، وأطول القرى هي أمبركاب التي تمتد نحو 19 كيلومترا على ضفتي النيل، ولكن بلانة لا تمتد كثيرا بحذاء النهر برغم عدد نجوعها الكبير، وربما كان السبب الأساسي في ذلك أن قرى الكنوز تحتل مناطق تتداخل فيها ألسنة من المرتفعات والأرض الوعرة مع كثرة الخيران؛ مما يؤدي إلى فواصل كبيرة بين النجع والآخر قد تصل إلى مئات الأمتار، أما في بلاد النوبيين، فإن الفواصل بين النجوع صغيرة قد لا تزيد عن بضع عشرات الأمتار؛ لأن معظم الأراضي سهلية، وربما تتضح هذه الحالة أيضا من أن عمدية سيالة تحتوي على 16 نجعا تحتل مسافة نحو 12 كيلومترا على الضفتين، وبين بعض النجوع 150 مترا، وأخرى 500 متر، وتبلغ أقصاها خمسة كيلومترات بين نجعي الشيمة وأم غيلان على البر الغربي، أما في كورسكو شرق فإن ظروف الوعورة لم تترك مكانا كبيرا لتبعثر النجوع بحيث يلتصق نجعا العشيراب والفلياب في مسافة 600 متر معا، ثم يفصلهما خور فم العطمور عن نجعي الطابية والعدوة، بينما أدت الأرض السهلية في كورسكو غرب إلى تلاصق نجعي الدريجاب والعرناناب، ومثل هذا نجده في المالكي وتوشكى غرب وغيرهما في جنوب النوبة المصرية، والصورة القصوى من التلاصق السكني تتمثل في امتداد النجوع بلا انقطاع يذكر لعمديات توماس وعافية وقتة وإبريم غرب، لمسافة تزيد عن عشرين كيلومترا، فيما لا يدانيه شكل آخر من التكاثف السكني في النوبة المصرية.
ولعلنا إذن نرى أن القاعدة التي يرتكز عليها تبعثر أو تركز النجوع مرتبط بالوعورة وقلة الأراضي السهلية وتبعثرها في معظم مناطق الكنوز، بينما تتركز النجوع في المناطق الغنية من أجل الحفاظ على الأرض الزراعية، أو نتيجة للضيق الشديد للأراضي نتيجة التضرس الشديد، كما هو الحال في الكثير من قرى العليقات.
وليست المسألة تبعثر النجوع وتباعدها عن بعضها فقط، بل إن المساحات الكثيرة غير الصالحة للاستخدام الاقتصادي لدى الكنوز قد أدى إلى تباعد البيوت عن بعضها بمسافة عدة أمتار، فضلا عن كبر مساحات البيوت - متوسط 300 إلى 500 متر مربع - التي تتكون من سور يضم فناء كبيرا وعددا قليلا من الغرف المضيفة والمخازن لصق الجدار، أما في العمديات النوبية فإننا نجد في أحيان صفوفا من البيوت لصق بعضها، والكثير من هذه البيوت ليست كبيرة الحجم، وربما كان هذا سببا في بروز موضوع الخصوصية بين الكنوز، حيث لا تظهر النساء والرجال في طقوس وأهازيج الزواج معا، عكس ما رأيناه في مثل هذه المناسبة في توشكى أو كورسكو.
خريطة (7): النسبة المئوية لأعداد السكان موزعة على مجموعات القرى (قبل 1960).
Неизвестная страница