Путешествие во времена Нубии: Исследование древней Нубии и перспективы будущего развития
رحلة في زمان النوبة: دراسة للنوبة القديمة ومؤشرات التنمية المستقبلية
Жанры
يمارس كثير من سكان النوبة بعض الطقوس احتفالا بالمحصول الجديد، وتدور هذه الطقوس حول ذبح أضحية من الماعز، غالبا تيس يسمى «عتوت»، وهو حيوان يعلم وهو صغير، ولا يضره أحد حتى وقت الحصاد، كذلك تتمثل الطقوس - غالبا لمن لا يملك عتوتا - في بعض الإسراف في الغذاء من مخزون حبوب العام الفائت، ويشرك السكان العمال الزراعيين فرحتهم في مزيد من الخبز والغذاء واللبن.
ومما يزيد الأجواء فرحة أن الكثير من الزيجات تعقد في نفس الموسم، يصاحبها أمسيات طرب ورقص، وتردد جنبات النوبة دقات الطبول في أمسيات الصيف، وهو ما يجعل الصيف موسما للنشاط الحق بعد ركود الشتاء، فهناك حركة دائبة بين المساكن والحقول ولقاءات كثيرة مع الغائبين في أعمالهم خارج النوبة، واستعدادات للأفراح وطقوسها العديدة؛ كل ذلك في ظل وفرة في المأكل والمشرب. إنها حقا السعادة والبهجة في صورة البراءة والبساطة.
المحاصيل الرئيسية
الذرة والكشرنجيج واللوبيا هي المحاصيل الرئيسية التي تدور حولها الزراعة الصيفية في النوبة، والتوزيع المكاني لهذه المحاصيل هي: الذرة تزرع على الجرف؛ أي الأراضي الملاصقة لضفة النهر أو الأخوار المتعمقة، بينما تزرع الأراضي الداخلية كشرنجيج ولوبيا، تاركة بينها وبين أرض الذرة مساحات خالية تنمو فيها أعشاب وحشائش برية، وتوضح الخريطة (8) نمط استخدام الأرض الشائع في النوبة.
خريطة (8): نمط استخدام الأرض صيفا في النوبة. نموذج كورسكو شرق.
وعلى الأغلب فإن مساحة الذرة تحتل نحو ثلث مساحة الأراضي المزروعة، أما لماذا كانت الذرة هي المحصول الأساسي فلا شك أنه راجع إلى عوامل بيئية تحبذه كمحصول وفير الإنتاج، وراجع أيضا إلى تفضيل الناس - كميراث حضاري - لخبز الذرة غالبا لسهولة طحنه وخزنه فترة طويلة، ولكن ربما السبب الأهم أن زراعته لا تستلزم عملا زراعيا شاقا مثل القمح أو الذرة الشامية، ولا تستلزم ريات متعددة، كما أنه ينمو في تربات عديدة ليست بالضرورة غنية، وإذا تذكرنا أن المحراث لم يدخل النوبة قط طوال تاريخها، وأن الذرة والدخن يمكن زراعتها بالنقر أو الحفر بالفأس، فإننا نعرف لماذا كانت هناك أفضلية له كمحصول خبز أساسي في النوبة، وليس معنى هذا أن السكان لا يستخدمون دقيقا غيره، بل الأغلب أنه يخلط مع دقيق القمح والذرة بنسبة صغيرة، وهم يشترون الدقيق من التجار المحليين الذين يشترونه بدورهم من تجار أسوان والصعيد.
أما الكشرنجيج واللوبيا فهما غذاء للإنسان والحيوان معا، وإن كان أكثر الكشرنجيج موجها إلى الحيوان، وهذا المحصول لا يحتاج الكثير من العمل الزراعي ونموه الخضري كبير، وهو ينمو في شهرين ويحش ثلاث مرات.
وإضافة إلى هذه المحاصيل الرئيسية فقد كان السكان يزرعون مساحات محدودة من الخضروات في الصيف، وإنتاج لا بأس به من الخضر في الحدائق والأرصفة الصغيرة خلال الشتاء، وهي بطبيعة الحال تحتاج إلى الري بالشادوف أو السواقي، وأهم الخضروات البامية والكوسة والجرجير والقليل من الطماطم والبصل والثوم والفول والترمس والحمص وفول السوداني والملوخية ... إلخ، وكل ذلك في مساحات صغيرة، ولا يزرع النجع الواحد كل هذه الخضر، بل يقتصر على عدد قليل منها حسب جودة الأرض والقدرة على السقاية وتوجه الناس نحو طعوم محببة.
وإلى جانب ذلك فهناك الزراعة في أراضي المشروعات الزراعية التي تنتج أيضا المحاصيل التقليدية وغير التقليدية، حسب نوعية الري إن كان نيليا أو دائما.
أما المحاصيل الشجرية فقد كان معظمها أشجار فاكهة، على رأسها نخيل البلح والقليل من الدوم وفواكه أخرى وليمون بأعداد قليلة، تزرع فرادى في أحواض صغيرة تروى بالشادوف أو بالصفيحة، أما النخيل فهو ينمو على الأرض الغنية المجاورة للنهر، أو تلك التي تغرق تحت مياه خزان أسوان فترة طويلة من السنة، وبذلك يعطي النخيل بطوله السامق المكون الأساسي لصورة بلاد النوبة؛ فهو الإطار الأخضر الذي يحف بالنهر معطيا دليل الحياة وسط القفار الجبلية أو الرملية التي تحد الوادي منذ قديم الأزمان، وقد سبق أن ذكرنا أن أنتون فون بروكش قال إن هناك 145 ألف نخلة، ولكن عند دفع التعويضات للسكان قبل عملية التهجير إلى منطقة كوم أمبو كان عدد النخيل أكثر قليلا من مليون نخلة، وهو رقم يدل على أهمية النخل كفاكهة أولى في النوبة، ومصدر مهم للدخل نتيجة بيع المحصول إلى باقي مصر، وفضلا عن ذلك فإن سعف النخيل هو مادة خام للكثير من مشغولات السلال، من أسبتة وحصر وشعاليب. (6) الثروة الحيوانية
Неизвестная страница