Путешествие во времена Нубии: Исследование древней Нубии и перспективы будущего развития
رحلة في زمان النوبة: دراسة للنوبة القديمة ومؤشرات التنمية المستقبلية
Жанры
ولصغر الاستثمار في عمل الشادوف بالقياس إلى الساقية، فإننا نرى عدد الشواديف في المحلة الواحدة يفوق عدد السواقي - بل ربما لا توجد ساقية مقابل عدد من الشواديف - ففي كورسكو ثلاث سواق كلها تقع في حوض الريقة - كورسكو غرب - بينما يوجد أحد عشر شادوفا في كورسكو شرق وغرب معا.
أما أدوات الزراعة فهي تتكون من عدد بسيط من الأدوات، على رأسها الفأس أو الطورية، كما تسمى هناك، وفي دنقلة توجد السلوكة بديلا للفأس؛ وهي عبارة عن عصا حفر على أحد جوانبها موطئ للقدم يضغط به العامل من أجل تعميق الحفرة التي توضع فيها البذور، ولكن في النوبة المصرية فإن الفأس هو المستخدم في نقر الأرض، ومن ثم تسمى الزراعة بهذه الطريقة «زراعة النقر». وإلى جانب الطورية توجد «الجرافة» التي هي قطعة من الخشب تستخدم لتسوية الأرض، و«الواسوق» لإقامة الجسور الطينية داخل الحوض الزراعي، وهو أيضا آلة خشبية، وأخيرا «المنجل» الذي يتكون من قبضة خشبية وسلاح مسنن من الحديد، وقد سبق أن ذكرنا أن المحراث لم يكن موجودا في النوبة في الماضي أو إلى الستينيات من هذا القرن، ربما عرفوه ولكن مقتضيات الزراعة النوبية لم تكن تستدعي استخدامه.
العمل الزراعي
حينما تهبط مياه الخزان كاشفة الأرض الفيضية، يبدأ الأهالي في العمليات الزراعية، إما بأنفسهم أو باستخدام عمال من الصعيد يفدون بانتظام إلى نفس المكان سنة بعد أخرى، ذلك أن الأهالي يكونون قد ألفوا وجود نفس الأشخاص وأمنوا إليهم، ويعتمد ذلك على مساحة الأرض والقدرة المالية لأهالي النجع على استئجار عامل من العمال، ويمكن للعامل الواحد أن «ينقر» نحو ربع فدان في اليوم مقابل نحو عشرة قروش في اليوم، ويمكن أن تصبح الأجرة الضعف إذا كان الاتفاق على النقر ووضع البذور وتغطيتها، ويمكن الاتفاق على نقر وزراعة فدان مقابل نحو ثمانين قرشا، بغض النظر عن إتمام العمل في أيام محدودة، وفضلا عن الأجر فإن العمال يبيتون في مضيفة النجع، ويتزودون بالطعام على حساب المستأجرين.
وإذا كانت القدرة المالية محدودة، أو أن هناك من النساء والصغار ما يكفي للمشي وراء العامل لوضع البذور في الحفر وتغطيتها؛ فإن العامل يؤجر على النقر فقط. وهنا تظهر بعض المشاكل؛ فالعامل يسرع في النقر من أجل القيام بعمل في حقل آخر، والنساء والصغار لا يلاحقونه، فإذا تأخروا كثيرا جف الطين عن النقر، بحيث لا يعطي البذور الرطوبة الأولية الضرورية للنمو، وسرعة جفاف الطين أننا هنا في شهري يونيو ويوليو شديدي الحرارة، ومن ثم يلجأ الكثيرون إلى القيام بعملية النقر في الصباح الباكر؛ بحيث يتوقف العمل عند قرابة الضحى، ثم يعاودون بعد العصر؛ بحيث يمكن للناس وضع البذور في جو معقول الحرارة.
وحيث إن الأرض تكون قد أخذت حظها من الرطوبة طوال فترة مكوثها تحت ماء الخزان، فإن الأمر في مثل هذه الزراعة الصيفية لا تحتاج إلى ري، ولأن المحاصيل الصيفية من الأنواع التي لا تحتاج إلى رعاية كثيرة ، فالمتوقع أن أعمال رعاية النبات تكون عند الحد الأدنى.
ومع نضج المحصول بعد نحو ثلاثة أشهر، يبدأ عمل جاد في الحصاد تساهم فيه النساء بقدر كبير، ثم ينقل المحصول على الحمير، أو يكوم في ربطات ترفعها النساء على رءوسهن إلى البيت؛ حيث يخزن الحب في قدور فخارية كبيرة في فناء المنزل.
وبعد الحصاد تأتي مساعدة خارجية أخرى، تتمثل في حضور بدو العبابدة والبشارية الذين يشترون بقايا المحصول في الأرض من قش وعيدان يتركونها مرعى طيبا للإبل، والأغلب أن هؤلاء البدو يدفعون نحو نصف جنيه ثمنا لقيمة ما في الجدول - نحو قيراطين - من مخلفات المحصول، أو الحشائش التي تنمو طبيعيا في الأرض غير المزروعة، ولهذا فإن العبابدة ينزلون من الصحراء إلى نجوع عرفهم أهلها بين يونيو ويوليو ويمكثون إلى أكتوبر، ثم يغادرون المكان إلى الصحراء أشهر الشتاء للاستفادة من المراعي الطبيعية، وجمع بعض النباتات الطبية وبيعها في أسوان أو دراو، وقد يجمع الأهالي كل أو بعض بقايا المحصول ويجففونه ليصبح دريسة للماعز والغنم خلال الشتاء في حالة عدم وجود البدو.
بقي أن نقول إن الأجزاء من أراضي السهل الفيضي التي لا تزرع تنمو فيها الحشائش والنباتات البرية، وهذه تكون مراع جيدة لحيوانات النجع خلال الصيف، وتجمع النساء بعضها وتحزمه وتنقله للبيت أيضا دريسة للحيوان في الشتاء.
طقوس المحصول الجديد
Неизвестная страница