Путешествие в мысли Заки Наджиба Махмуда
رحلة في فكر زكي نجيب محمود
Жанры
الأمر الأول الذي ينبغي علينا أن نلاحظه أننا أمام ثنائية حادة بين الغيب والشهادة، بين الروح والجسد، بين الإنسان والله.
ثانيا:
أن العربي لم يتصور العلاقة بين الطرفين على أنها علاقة تبادل أو أخذ وعطاء، بل هي علاقة الحاكم والمحكوم، والحاكم هنا مطلق السلطان، والمحكوم معدوم الحول والحيلة.
ولا يغير من الصورة أن يكون الحاكم المطلق عادلا، وأن يكون المحكوم ملاقيا جزاء وفاقا؛ إذ ما يزال طريق السير في اتجاه واحد : يهبط الأمر من أعلى فيصدع به الأسفل.
ثالثا:
أن الصورة الموجودة في السماء انعكست على الأرض، وأصبح النظام السياسي نسخة من النظام السماوي، فإذا كانت قوانين الطبيعة يمكن أن تتعطل أو تطرد بحسب ما يشاء الحاكم السماوي المطلق، فإن حاكم الدولة الأرضية يمكن أن يعبث بقوانين المجتمع فيطبقها أو لا يطبقها حسب مشيئته، فها هنا أيضا في صورة حياة الإنسان في مجتمعه، نجد أن لصاحب السلطان أن يريد، وعلى الناس أن يطيعوا؛ ولهذا تجد أن الكلمة في مجتمعاتنا لصاحب القوة النافذة، ولصاحب الجاه، والحق مع صاحب النفوذ.
رابعا:
سوف يترتب على ذلك أيضا أن تكون الأخلاق هي أخلاق الواجب، والأهم من ذلك أن الواجب مفروض علينا من صاحب السلطان، والأصل أن يكون صاحب السلطان في عليائه من السماء، ثم جاز أن يتمثل، كما رأينا، في المتربع على كرسي الحكم من أفراد البشر؛ ولهذا فإننا لا نتصور أن تكون الأخلاق «أخلاق سعادة»، تعود علينا قيمتها بحياة نافعة سعيدة طيبة، بل الواجب هو الواجب لأن سلطة عليا أوجبته علينا. مهما تغيرت ظروف العيش وتطور المجتمع تبدلت أوضاعه، ونحن لا نتصور أن تتطور معايير الحكم الأخلاقي، فإذا تطور المجتمع انسلخت دنيا الحياة الواقعية عن دنيا القيم الأخلاقية، وأصبح الفعل في ناحية والعقول في ناحية أخرى.
84
ولقد ألفنا هذا الازدواج إلفا توهمنا معه أنه طبيعة الأمور؛ ومن ثم كان النفاق الذي يقع في كل لحظة، لا تكاد نمسه أو نعيه، فلا تثير فينا دهشة أن تنفرج الزاوية بين المدرسة بقيمها والبيت بفعله، أو أن تكون هذه الزاوية أشد انفراجا بين المسجد والسوق.
Неизвестная страница