Путешествие в мысли Заки Наджиба Махмуда
رحلة في فكر زكي نجيب محمود
Жанры
ويتفرع عن مشكلة الحرية الاجتماعية مشكلة أخرى مدنية هي «حرية المرأة»، فحرية المرأة في المفهوم الحديث تختلف عن مفهوم حرية المرأة في القديم الذي كان يضعها وضعا لم يعد يصلح لها، فالمرأة العربية الجديدة إنسانة أخرى غير امرأة الأمس؛ فهي اليوم طبيبة ومهندسة، ومدرسة، ومحاسبة ... إلخ.
وهذه الأفكار التي نثرها مفكرنا في محاضراته وندواته وأحاديثه الإذاعية، تمثل خيوطا سوف تتجمع؛ لتنسج لنا مشروعه الثقافي في «تجديد الفكر العربي». (3) البحث عن صيغة جديدة
بدأت البذور التي تضمنتها المرحلة الأولى، وكانت في حالة كمون في المرحلة الثانية، تظهر، وتنمو، وتنضج عندما وجدت التربة الصالحة، والمناخ المناسب خلال السنوات الخمس التي قضاها في جامعة الكويت، فراح مفكرنا يبحث عن صيغة جديدة تجمع «التدين الخالص» مع «العقل الخالص»، في إطار مشروع ثقافي يستهدف «تجديد الفكر العربي».
على أننا ينبغي أن نحذر المبالغات التي يقع فيها بعض الباحثين وهم يبحثون عن تفسير، يبرزون به اتجاه مفكرنا إلى هذه الصيغة الجديدة في المرحلة الثالثة من تطوره الروحي، فعلى سبيل المثال لم يحدث قط أن «تحول» زكي نجيب محمود: من العقل إلى الإيمان، ومن العلم إلى الدين، ومن الغرب إلى الإسلام، ومن الآخر إلى الأنا ...»
29
وإنما كان بحثه عن هذه الصيغة الجديدة محاولة للجمع بين أفكار المرحلتين السابقتين، اللتين تمثل فيهما «التدين الخالص» الذي مال به نحو التصوف من ناحية، و«العقل الخالص» الذي سيطر على ذهنه في المرحلة الثانية. وهي محاولة ظهرت من قبل، على استحياء، في كتابه «الشرق الفنان»، الذي ظهر عام 1960م، قبل النكسة بسبعة أعوام، عندما جمع بين طرفين قصيين «خفقة القلب» و«تحليل العقل». وعلينا أن نتذكر دائما، أن بذور هذه المرحلة كانت موجودة في بداية تطوره الروحي، حيث يقول عن نفسه أنه كان «عقلا» يبحث لنفسه عن طريق، ويلح في صدره سؤال هو: هل من سبيل يجمع عدة أطراف في رقعة واحدة: يجمع العلم والدين، والتصوف والحرية؟ أليس من سبيل يجمع مادة روحية ويجمع عقلا إلى غريزة؟!»
30
ولم تكن تلك أسئلة عابرة خطرت له في مرحلة الشباب ثم اختفت، وإنما هي تعبر عن مشكلات حادة ظلت تلح عليه في وطأة ضاغطة وانثيال متدارك عنيد؛ فهو يروي عن نفسه في بداية تجديد «الفكر العربي» نفس المشكلة التي أحسها بإلحاح: السؤال الذي أحسست بضغطه وإصراره خلال أعوامي الخمسة الأخيرة، فهو الذي يسأل عن طريق للفكر العربي المعاصر يضمن له أن يكون عربيا حقا ومعاصرا حقا ... فقد يبدو للوهلة الأولى أن بين العربية والمعاصرة تناقضا أو ما يشبه التناقض؛ ولذلك يجيء السؤال الذي يلتمس طريقا يجمع الطرفين في مركب واحد ...»
31
إذ المسافة الزمنية بين السؤالين تكاد تقترب من نصف قرن، جاز لنا أن نقول، في اطمئنان، إن هذه الأسئلة تضرب بجذور عميقة في شخصية زكي نجيب محمود نفسها، التي تجمع في آن واحد بين «العقل والوجدان» بين «عالم المنطق والأديب» بين «جفاف التحليل العقلي وشفافية الفنان»، وهي شخصية تتضح معالمها في كل ما كتب، ابتداء من المقالات الدينية المبكرة، مرورا «بالمنطق الوضعي» و«خرافة الميتافيزيقا»، حتى ثلاثيته الشهيرة التي تشكلت فيها الصيغة الجديدة التي كان يبحث عنها، وإني لأزعم أنه استشعر المشكلة في أعماقه قبل أن يدركها في مجتمعه، ولعل ما كان يحيره ويقلقه هو كيف استطاع أن يجمع بين هذين الطرفين القصيين في شخص واحد بغير تناقض؟!
Неизвестная страница