الذين درجوا ، والذين من خلفهم على منهجهم نهجوا ، لقد خلدوا من المآثر الدينية ما أوجب خلود الثناء عليهم ، ووصول الدعاء ممن بعدهم إليهم ، ولم يزل أهل المشرق إلى الآن لهم فضل اعتناء ببناء المساجد والخانقات ويبالغون في تعظيمها ويتأنقون في ذلك ويبادرون إلى أصلاح ما وهي منها.
وأما أهل مغربنا فلا تكاد ترى في مدائنهم مسجدا عظيما قد أحدث بل ولا مهدما قد جدد أو واهيا قد أصلح بل لو سقط شيء من أكبر مساجدهم فأحسن أحوالهم فيه أن كان مبنيا برخام أن يعاد بآجر وجص وإن كان مجصصا أن يعاد بطين بحيث تجد المسجد كأنه مرقعة فقير هندي فيه من كل لون رقعة وإلى الله المشتكى وما أرى ما حل بمغربنا من الوهن إلا بسبب أمثال هذا من عدم تعظيم شعائر الله ولو في الأمور الظاهرة فضلا عن الباطنة وقد قيل إذا أراد الله خلاء بلد بدا ببيته ثم يتبعه ما سواه وإذا أراد عمارته فكذلك.
ثم يسار بالمحمل على هيئته وتعبيته (1) حتى ينزل ذلك اليوم بالعادلية خارج باب النصر فيقيم هناك إلى اليوم الثالث والعشرين فيرحلون من هناك إلى بركة ويخرج أمير الحاج وجميع عسكره ويخرج مع الركب من المشيعين ومن العساكر والأمراء أضعافهم فتنصب الأسواق هناك ويخرج غالب الباعة والمتسببين بحيث يوجد هناك ما يحتاج إليه السفر بأرخص من سعر مصر ويقيمون هناك إلى آخر اليوم السابع والعشرين إلى أن قال.
تنبيه أكثر العلماء مائلون في القهوة إلى الإباحة وترشح قولهم بفعل أكثر الصوفية مع تورعهم في المطاعم والمشارب زاعمين أنها تعين على السهر في العبادة ويستعين
Страница 319