301

وخفة الزحام ، وقدرت (1) ما جرى القدر بغيره ، وليس إلا ما شاء الله. وقد وقفت عليها مرارا ، فلم أجد مدخلا من كثرة الخلق ، وإفراط الزحام ، والذي يكون بها وبغيرها من المضايقة ، والمدافعة ، وتكلف ما لم يرد به شرع ، وتقول (2) ما ليس له أصل ، أمر يضيق عنه الوصف. وقديما شكي بذلك ، قال قتادة : «في قوله تعالى : ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) (3). إنما أمروا أن يصلوا عنده ، ولم يؤمروا بمسحه ، ولقد تكلفت هذه الأمة شيئا ما تكلفته (4) الأمم قبلها ، ولقد ذكر لنا بعض من رأى أثره وأصابعه فما زالت هذه الأمة تمسحه حتى اخلولق وامحى» (5).

قلت : ولم ير عبرة من لم ير قتالهم على الركن الأسود ، وعلى دخول الكعبة ، ترى الرجال يتساقطون على النساء ، والنساء يتساقطن على الرجال ، ويلتف البعض بالبعض ، ويتأهبون للقتال ، ويستعدون للدفاع والملاكمة ، وقلما يتمكن أحدهم من الركن فيفارقه حتى يثخن (6) ضربا ، ويكونون في الطواف فإذا جاؤوا إلى الركن تركوه إلى البدعة (7) وما لا يعني ، فبعضهم في التزام (8) الحجر وقطع الوقت به لثما ولحسا ، وبعضهم في صب العفونات (9) عليه

Страница 370