لينذرهم عذاب ربهم الذي توعد به المخالفين منهم، وبين لهم شرع ربهم وما أمرهم به من قواعد وأحكام.
فمن أطاعه واتبع النور الذي جاء به والتزم شريعته فقد نجا من عذاب الله. ومن عصاه وخالفه ولم يتبع ما جاء به فقد استحق بذلك عذاب الله فله جهنم يصلاها مذموما مدحورا.
وهذا المثل يمثل جانب الإنذار والوعيد وهو جانب من جوانب الرسالة وأما الجانب الثاني وهو جانب البشارة - إذ أن الرسول ﷺ أخبر الله عنه بقوله تعالى: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ ١.
وأما جانب البشارة فهذا ما تحدث عنه الحديث الثاني وهو حديث جابر بن عبد الله ﵁ فالمثل يتحدث عن ثلاثة أمور دار ومأدبة وداعي وقد جاء تأويل هذا المثل في الحديث نفسه فالداعي هو النبي ﷺ والدار هي الجنة فمن أطاعه ﷺ واتبع ما جاء به فقد أجاب الدعوة واستحق دخول الجنة والتمتع في نعيمها. وأما من عصى النبي ﷺ وخالفه ولم يستجب لما جاء به فذلك الذي لم يستجب لدعوته فحرم من الدخول في الدار التي هي الجنة وحرم من الأكل من المأدبة التي هي النعيم الدائم في الجنة.
وأما الحديث الثالث: فالمثل المضروب فيه يصور مدى حرصه ﷺ على حماية الأمة من الوقوع فيما يسخط الرب ﵎ ويوجب عقابه وأليم عذابه، فهو ﷺ الموصوف بقوله تعالى: ﴿عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ﴾ ٢.
١ الآية (٢٨) من سورة سبأ.
٢ الآية (١٢٨) من سورة التوبة.