Ричард Фейнман: его жизнь в науке
ريتشارد فاينمان: حياته في العلم
Жанры
وأيا كانت تسميتنا له، فإن الإلكترون، الذي كان لا بد فيما مضى أن نعتبره محاطا بسحابة من الفوتونات الافتراضية من حوله، صار من الضروري الآن التفكير فيه بوصفه محاطا بسحابة من الفوتونات الافتراضية علاوة على أزواج مكونة من إلكترونات وبوزيترونات. وبطريقة ما، تعد هذه الصورة مجرد طريقة أخرى للتفكير في تفسير ديراك للبوزيترونات باعتبارها «فجوات» داخل بحر لا نهاية له من الإلكترونات الموجودة في الفراغ. وأيا كانت الطريقة، فما إن نضم النسبية، ووجود البوزيترونات، فإن نظرية الإلكترون الواحد تتحول إلى نظرية لعدد لانهائي من الإلكترونات والبوزيترونات.
علاوة على ذلك، فإنه تماما مثلما أنتج انبعاث الفوتونات الافتراضية وامتصاصها بواسطة إلكترون واحد طاقة ذاتية إلكترونية لانهائية في العمليات الحسابية، فإن إنتاج أزواج افتراضية مكونة من جسيمات وجسيمات مضادة أنتج تصحيحا جديدا لانهائيا في حسابات الديناميكا الكهربائية الكمية. وعلينا أن نتذكر مرة أخرى أن القوة الكهربية بين الجسيمات يمكن اعتبارها ناتجة عن تبادل الفوتونات الداخلية بين تلك الجسيمات. والآن إذا كان يمكن للفوتونات أن تنشطر إلى أزواج مكونة من إلكترونات وبوزيترونات، فإن هذه العملية من الممكن أن تغير من قوة التفاعل بين الجسيمات ومن ثم تحول الطاقة المحسوبة للتفاعل بين إلكترون وبروتون داخل ذرة كذرة الهيدروجين. وكانت المشكلة هي أن التحول المحسوب اتخذ قيمة لانهائية!
كانت الحقيقة المخيبة للآمال أن نظرية ديراك أنتجت تنبؤات بالغة الدقة بمستويات الطاقة للإلكترونات داخل الذرات ما دامت عمليات تبادل الفوتون الواحد هي فقط الموضوعة في الحسبان دون حساب تأثيرات المرتبة الأعلى المزعجة التي أنتجت قيما لانهائية. وعلاوة على ذلك فإن تنبؤ ديراك بالبوزيترونات أثبت بواسطة بيانات تجريبية. ولولا تلك الحقائق، لفضل كثير من علماء الفيزياء - حسبما ذكر ديراك ضمنا - الاستغناء ببساطة عن الديناميكا الكهربائية الكمية برمتها. •••
تبين أن ما كنا بحاجة إليه كي نحل كل تلك الصعوبات لم يكن التخلص من ميكانيكا الكم بالكلية، ولا الاستغناء عن كل تلك الجسيمات الافتراضية، وإنما بالأحرى تطوير فهم أعمق لأسلوب تطبيق المبادئ الأساسية لنظرية الكم في سياق النسبية. كان هذا يحتاج إلى السير في طريق ملتو طويل غير مباشر، وأن يأتي التوجيه من تجارب رئيسية، حتى تنجلي في نهاية المطاف هذه الحقيقة المختبئة وسط مستنقع موحل من الحسابات المعقدة المضنية، سواء لفاينمان أو لبقية العالم.
بدأت عملية الاكتشاف ببطء وعلى نحو مرتبك، كما هي العادة دائما. فبعد اكتمال بحثه الذي نشره في دورية ريفيوز أوف مودرن فيزيكس، حول فاينمان انتباهه من جديد نحو نظرية ديراك. كان قد انتهى مرة أخرى إلى أن الفيزياء علم ممتع، وعلى الرغم من ظروفه الشخصية غير المستقرة، فإن تركيزه لم يتشتت مطلقا عن المشكلة التي استحوذت على تفكيره منذ كان طالبا بالجامعة؛ ألا وهي مشكلة الطاقة الذاتية اللانهائية للإلكترون. لقد كان هذا لغزا لم يحله بعد، وكان ضد طبيعته أن يترك الأمر يمر ويتخلى عنه.
بدأ فاينمان بمشكلة صغيرة للإحماء. فلما كان اللف المغزلي للإلكترون لا يمكن فهمه إلا في إطار ميكانيكا الكم، فقد بدأ فاينمان بمحاولة فهم إن كان في استطاعته تفسير الحركة المغزلية مباشرة في إطار صياغته لحاصل جمع المسارات أم لا. كان أحد تعقيدات نظرية ديراك هو أنها معادلة واحدة مجزأة إلى أربعة أجزاء: واحدة لوصف الإلكترونات التي تدور في اتجاه أعلى، وأخرى للإلكترونات التي تدور لأسفل، وواحدة لوصف البوزيترونات التي تدور لأعلى، وأخرى للبوزيترونات التي تدور لأسفل. ولما كان المفهوم الطبيعي للف المغزلي يتطلب وجود ثلاثة أبعاد في الفراغ (مستوى ثنائي الأبعاد يدور فيه الجسيم ومحور عمودي يدور حوله)، فكر فاينمان أنه يستطيع جعل المسألة أكثر بساطة لو أنه حاول أولا التفكير في عالم ذي بعد مكاني واحد فحسب وبعد زماني واحد، حيث لا تكون للاختلافات بين المسارات تأثير كبير. ومن ثم تتضمن جميع المسارات الانتقال جيئة وذهابا في بعد واحد في الفراغ، وتحديدا، في خط مستقيم.
تمكن فاينمان من اشتقاق نسخة مبسطة من معادلة ديراك ملائمة لعالم ثنائي الأبعاد كهذا، بحيث إنه في كل مرة يدور الإلكترون «على عقبيه» وهكذا بعد أن يتحرك نحو اليمين يعاود التحرك نحو اليسار، وجرت مضاعفة نطاق احتمال هذا المسار بضربه في «معامل طوري»، وهو في هذه الحالة «رقم مركب»، وهو رقم غريب يحتوي على الجذر التربيعي ل −1. ويمكن للأرقام المركبة أن تظهر في نطاقات الاحتمالات؛ تذكر أن الاحتمالات الفعلية تعتمد على مربع تلك الأرقام، وبهذا لا تظهر في النتيجة النهائية سوى أرقام حقيقية.
كانت فكرة أن الحركة المغزلية قد تنتج بطريقة ما أطوارا إضافية عند حساب نطاقات الاحتمالات بمنزلة نبوءة متبصرة. غير أنه عندما حاول فاينمان تجاوز بعد مكاني واحد والربط بين عوامل أطوار أكثر تعقيدا أثناء التفاف الإلكترونات والتحرك في اتجاه مختلف، توصل إلى حلول غير منطقية ولم يتمكن من الحصول على نتائج تتفق مع نظرية ديراك.
ظل فاينمان يجرب بدائل مختلفة في شتى الاتجاهات لإعادة صياغة النظرية ، لكنه لم يحقق تقدما يذكر. غير أنه كان هناك مجال معين تبين أن طريقة حاصل جمع المسارات التي ابتكرها مفيدة فيه للغاية. فالنسبية الخاصة تقول لنا إن «حاضر» شخص ما قد لا يكون هو «حاضر» شخص آخر؛ أي إن الراصدين في حالة الحركة النسبية لديهم أفكار مختلفة بشأن «التزامن». توضح النسبية الخاصة كيف أن تلك الفكرة المكانية عن التزامن تنطوي على قصر نظر، وكيف أن قوانين الفيزياء الأساسية مستقلة عن التفضيلات الفردية للراصدين المختلفين ل «الحاضر».
كانت المشكلة في الصورة التقليدية لميكانيكا الكم هي أنها اعتمدت صراحة على تعريف «حاضر» ترسخ فيه شكل مبدئي للكم، ثم ترك تحديد كيفية تطور هذا الشكل إلى وقت لاحق. وأثناء هذا، يطمر الثبات النسبي لقوانين الفيزياء؛ لأنه في اللحظة التي نختار فيها إطارا مكانيا معينا لتحديد الدالة الموجية المبدئية وثابتا للزمن نسميه ز = صفر، نفقد الاتصال الواضح مع جمال النظرية النسبي الكامن المستقل عن الإطار.
Неизвестная страница