Ричард Фейнман: его жизнь в науке
ريتشارد فاينمان: حياته في العلم
Жанры
وبينما كان فاينمان يلهو مع أطفال ويلر، استمر هو وويلر في تسلية أحدهما الآخر أثناء عملهما خلال العام على استكشاف أفكارهما الغريبة حول تخليص الكهرومغناطيسية الكلاسيكية من مشكلة التفاعل الذاتي اللانهائي للجسيمات المشحونة كهربائيا، وذلك بواسطة تفاعلات غريبة تسير في عكس اتجاه الزمن مع ممتصات خارجية تقع في عالم خارجي غير محدود.
كان حافز فاينمان لمواصلة هذا العمل بسيطا ومباشرا؛ فقد أراد حل مشكلة رياضية في الكهرومغناطيسية الكلاسيكية على أمل الوصول في نهاية المطاف إلى المشكلات الأكثر أهمية التي تنشأ في نظرية الكم. ومن ناحية أخرى، كانت لدى ويلر فكرة أكثر جنونا أراد تطويرها لتفسير الجسيمات الجديدة التي كانت ترصد في الأشعة الكونية وفي تجارب الفيزياء النووية: ربما كانت جميع الجسيمات الأولية هي فقط مكونة من تركيبات مختلفة من الإلكترونات، وبطريقة ما تتفاعل على نحو مختلف مع العالم الخارجي. كانت الفكرة مجنونة بحق، ولكنها على الأقل ساعدت في الحفاظ على حماسه للعمل الذي كانا يقومان به.
يتجسد توجه فاينمان اللاهي بشأن الإحباطات والعقبات الحتمية المرتبطة بالعمل النظري في الفيزياء من خلال أحد أول الخطابات التي كتبها لوالدته، بعد وقت قصير من بدء دراسته في كلية الدراسات العليا وقبل أن يتحول عمله مع ويلر تجاه إعادة دراسة الكهرومغناطيسية:
كانت الأمور تسير بسرعة ودقة هائلتين في الأسبوع الماضي، ولكنني الآن أواجه بعض الصعوبات في الرياضيات، وإما سأتغلب عليها أو ألتف حولها أو أسلك سبيلا آخر - وكل هذه الصعوبات تستهلك وقتي كله - لكنني أحب إنجاز الكثير، وأنا في غاية السعادة في الواقع. لم يسبق لي أن فكرت في مشكلة ما كل هذا الوقت وبكل هذا الثبات والإصرار - لذا فإنني إذا لم أصل إلى شيء فسوف يزعجني هذا كثيرا - إلا أنني وصلت بالفعل إلى شيء ما، شيء بعيد - وعلى نحو نال رضى البروفسور ويلر. غير أن المشكلة لم تنته على الرغم من أنني بدأت للتو أرى المسافة التي تفصلني عن النهاية وكيف يمكننا الوصول إليها (مع أن بعض الصعوبات في الرياضيات تلوح في الأفق، كما ذكرت آنفا)، سأحظى ببعض المرح!
اشتملت فكرة فاينمان عن المرح على التغلب على صعوبات الرياضيات؛ وتلك إحدى الصفات العديدة التي ميزته على الأرجح عن رجل الشارع العادي.
بعد بضعة أشهر مكثفة من الأخذ والرد مع ويلر في ربيع وشتاء عام 1940-1941 أثناء العمل على أفكارهما الجديدة عن الكهرومغناطيسية، أخيرا منح ويلر الفرصة لفاينمان لعرض هذه الأفكار، ليس أمام طلاب الدراسات العليا، ولكن أمام علماء فيزياء متخصصين، وذلك من خلال ندوة قسم الفيزياء بجامعة برينستون. أدار الندوة يوجين ويجنر، والذي فاز لاحقا بجائزة نوبل، وقد دعا مجموعة خاصة من العلماء من بينهم: عالم الرياضيات الشهير جون فون نويمان، وعالم الفيزياء القدير الفائز بجائزة نوبل وأحد مؤسسي ميكانيكا الكم، فولفجانج باولي، الذي جاء زائرا من زيورخ، وألبرت أينشتاين بنفسه، الذي كان قد عبر عن اهتمامه بالحضور (ربما بسبب اتصال حثه ويلر خلاله على الحضور).
لقد حاولت أن أتخيل نفسي في موقف فاينمان في ذلك الوقت، باعتباره طالبا بالدراسات العليا يتحدث أمام مجموعة كهذه. فلم يكن من السهل إرضاء جمهور كهذا، حتى مع غض الطرف عن مقامهم الرفيع. كان معروفا عن باولي مثلا أنه ينهض من مكانه وينتزع الطباشير من يد المتحدث الذي يختلف معه في الرأي.
غير أن فاينمان أعد خطابه وما إن بدأ في التحدث حتى استحوذت الفيزياء عليه وزال كل ما كان متبقيا من عصبيته. وكما هو متوقع، اعترض باولي شاعرا بالقلق تجاه احتمال أن استخدام التفاعلات التي تسير عكس الزمن يوحي بأن المرء كان ببساطة يعمل رياضيا في اتجاه عكسي بادئا بالحل الصحيح بدلا من أن يشتق بالفعل شيئا جديدا. كذلك كان قلقا بشأن فكرة «الفعل عن بعد»، التي تنشأ عن التخلي عن المجالات التي تنقل القوى والمعلومات عادة، وسأل أينشتاين عن احتمال كون هذا الأمر يتعارض مع بحثه الخاص حول النسبية العامة. وعلى نحو مثير، أجاب أينشتاين بتواضع بأنه قد يكون هناك تعارض حقا، ولكن على أي حال فإن النظرية التي وضعها هو نفسه عن الجاذبية (التي اعتبرها باقي العلماء في مجتمع الفيزياء النظرية الأكثر أهمية منذ عصر نيوتن) «لم تكن راسخة بقوة». وفي الواقع، كان أينشتاين متعاطفا مع فكرة استخدام حلول عكس اتجاه الزمن كما كان متعاطفا مع الحلول التي تسير في الاتجاه الطبيعي للزمن، وذلك حسبما قال ويلر فيما بعد متذكرا الوقت الذي ذهب فيه بصحبة فاينمان لزيارة أينشتاين في منزله الواقع في شارع ميرسر لمناقشته مناقشة أكثر توسعا في أفكارهما.
المشكلة هي أن واحدة من أكثر الخصائص وضوحا للعالم المادي، وهي خاصية تتجلى منذ اللحظة التي نستيقظ فيها كل يوم، هي أن المستقبل يختلف عن الماضي. لا ينطبق هذا فقط على التجربة الإنسانية، وإنما ينطبق أيضا على سلوك الأجسام غير الحية. فعندما نضيف اللبن إلى قهوتنا مثلا ونقلبه، لن يمكننا أبدا أن نجعل هذا اللبن في لحظة ما في المستقبل يعود ليتحد في صورة قطرات صغيرة كما كان يبدو عندما صببناه على القهوة لأول مرة. والسؤال هو: هل خاصية عدم القابلية للانعكاس المؤقتة الواضحة تلك في الطبيعة تنشأ بسبب عدم تناظر في العمليات الميكروسكوبية؟ أم أنها ملائمة فقط للعالم الكبير القابل للرصد الذي نعيش فيه؟
كان أينشتاين، تماما مثل فاينمان وويلر، يؤمن بأن المعادلات الميكروسكوبية للفيزياء يجب أن تكون مستقلة عن اتجاه الزمن؛ أي إن خاصية عدم إمكانية عكس الظواهر في العالم الكبير الذي نعيش فيه تنشأ لأن أوضاعا معينة تزداد احتمالات وجودها كثيرا في الطبيعة عندما تشارك العديد من الجسيمات عن أوضاع أخرى. وفي حالة أفكار فاينمان وويلر، كما أوضح فاينمان لطالب زميل في الدراسات العليا، فإن الفيزياء تسلك سلوكا منطقيا على مستوى الأحجام الكبيرة؛ أي إن المستقبل يختلف عن الماضي على الرغم من التفاعل الذي يسير في عكس اتجاه الزمن الذي استنتجه هو وويلر. ويرجع هذا تحديدا إلى أن الاحتمالات المرتبطة بسلوك بقية العدد الذي يفترض أنه لانهائي من الشحنات الأخرى في الكون، التي تستجيب لحركة الشحنة محل الدراسة، تنتج ذلك النوع من عدم قابلية الانعكاس على مستوى الأجسام الكبيرة الذي اعتدنا رؤيته في العالم من حولنا.
Неизвестная страница