============================================================
فأما إذ حضر همك فإنه ستفتح لك الفكرة، فيتكل على عقله وينسى ربه تعالى فأخاف أن لا يفتح له ما يريد من خير.
ومن ذلك حديث سليمان النبي عليه السلام (1) ، في الولد : أنه قال: " لأطوفن الليلة بمائة امرأة، فتحمل كل امرأة بغلام ، يقاتل (2) في سبيل الله (فرسانا) (3) ، ولم يقل إن شاء الله. فقال النبي لله : " فما حملت منهن إلا امرأة واحدة جاءت بشق غلام" قال النبي عالله : " لو قال : إن شاء الله لكان كما قال" (4) .
فإذا تفكر في المعاد بتخويف نفسه عظيم قدر العذاب عنده، فاذا عظم قدر العذاب في قلبه (5) هاج الخوف حتى لا يملكه، فما مثل التخويف في جنب الخوف إلا كمثل الوقود في جنب الغليان ، كالموقد يوقد تحت القدر المملوءة، فكلما أدام الوقود اشتد الغليان.
فكذلك العبد : كلما أدام الفكر بالتخويف في ذكر العقاب وكثرة الأهوال وعظيم السؤال مع المعرفة بعظيم حق الله جل وعز وواجب طاعته ، وأنه لعامة ذلك مضسع هاج الخوف.
فإذا هاج الخوف قذف القلب بالااصرار على الذنوب، وسخا عنها نفسأ فندم وتاب وخشع وأناب؛ وكذلك الوقود كلما اشتد دوام الوقود اشتد الغليان ، فإذا اشتد الغليان قذفت القدر ببعض ما فيها، فمن آدمن الفكر بالتخويف لنفسه فيما هدده ربه وتوعده به هاج خوفه. فأطفأ نار (2) شهواته التي آصر عليها، فسخا
بترك الإصرار نفسا، وأقلع عن الذنوب وخاف عاقبتها ولا سيما إذا أدمن الفكرة وهو يتلو كتاب الله عز وجل، فيتفكر في وعده ووعيده، وأهوال القيامة وشدائدها ، وتلك انحع الفكرة إذا كانت بثلاوة كتاب الله عز وجل (1) في ط: له (2) في أ: ثم يقابل.
(3) سقط من ط.
(4) أخرج الامام أحمد بن حنبل في مسنده نحوه بإسناد جيد ، وأخرجه : إبن أبي الدنيا في كتاب الموت .
وأخرجه البخاري أيضا بعده ألفاظ.
(5) في ط: عنده.
6) في ا: حلاوة.
Страница 70