وشابَهْن غِزْلان النَّقا في نِفارِها ... ولكنّها بين التَّرائبِ تَرْنَعُ
لها من مَهاةِ الرملِ عينٌ مريضةٌ ... وجِيدٌ كجيدِ الظَّبْيِ أغْيَدُ أتْلَعُ
ومن قُضُبِ البانِ الرطابِ معاطفٌ ... تكاد عليها الوُرْقُ تشدُو وتسجَعُ
وتغدو سيوفُ الهندِ لما تشبهَّتْ ... بألْحاظها في الحربِ تَفْرِي وتقْطَعُ
ذكرتُهمُ والقلبُ بالهم طافحٌ ... لبَيْنِهمُ والبحرُ كالليلِ أسْفَعُ
وما تنفعُ الذكْرى لمن صَدُّهُمْ قِلَى ... ووصلُهُم قطعٌ ومنهم تمنُّعُ
ولا عجبٌ فالبخلُ في الغِيِدِ والدُّمَى ... طبيعةُ نفسٍ ليس فيها تصبُّعُ
كما لعلىٍّ كلُّ جودٍ وسُؤُدُدٍ ... سجيةُ ذاتٍ ليس فيهل تصنُّعُ
وله من أخرى:
ورَكْبٍ طِلاحِ صاحَبو النَّجمَ في السُّرَى ... تَرامَى بهم فِي السَّير بِيدٌ وتعنُفُ
يخوضون بحرَ الآلِ يطفُو عُبابهُ ... طُفُو عُبابهُ طُفُوَّ دَياجي الليلِ والليلُ مُسْدِفُ
كأن المطايا والأكِلَّةُ فوقها ... سَفِينٌ بأيدْي الأرْحَبِيَّاتِ تَجْدِفُ
وكان له نَدِيم أحْدب، يسمى أبا الخير، يعدُّه عَيْبَةَ أسراره، وجُهَينةَ أخباره، وهو يُدير عليه شَمُول وِدادِه، ويجْني إليه من كل وادٍ ثمراتِ فؤادهِ، ويُنْشِده تَرجُمان لسانِه عن مُحجَّب جَنانِه:
ولقد جُبلتُ على مَحبَّة وُدِّه ... ما الحبُّ إلا للإمام الصَّالحِ
1 / 36