Мнение об Абу-ла-Ала: человек, который нашел себя
رأي في أبي العلاء: الرجل الذي وجد نفسه
Жанры
ونوجهه توجيها نحويا بقدر ما بين الإعراب والمعنى من صلة، إن لم نجاوز ذلك إلى عناية خاطئة بالصناعة النحوية، ليست من العمل الأدبي في شيء ما ... ثم نبين ما فيه من تفنن أدبي بيانا تشير إليه إيماء - بل قد تسيء إليه أحيانا - مقررات البلاغة الفلسفية التي ورثناها وتدارسناها ... وفي حدود هذه الخطة اللغوية النحوية البلاغية - على ضيقها وجمودها - نفهم الأدب ونتذوقه وننقده ونقدره ونؤرخه ونحكم عليه ... وكأنما كل ما بين المتفنن والناس قد تجمع في ذلك الكيان المادي اللفظي الذي تحده المعاجم ببيان المفردات بيانا أثريا جامدا ... والقواعد النحوية لتأليف الجمل في سطحيتها وتصنعها ... والضوابط البلاغية لجمال الفن القولي في جفافها وتصورها ...! لا والجمال ما كان الفن هذا الحطام أبدا ... وإن الفن حينما يعبر عن الإحساس بالجمال ذلك التعبير الكلامي الذي هو الأدب، إنما يسجل خلجات وخطرات وجولات، بل تيارات نفسية لصاحب التعبير هي التي دبرت ذوقه، ووجهت حسه، وألفت نصه، وإنها لتدفعه أحيانا دفعا قويا يكون معه مستهوى مسحرا يقول ما يجد، وقد ملك عليه نفسه فجرى به لسانه قبل أن تقدر قواه الواعية كيف نظم لفظه، أو أقام إعرابه، وأجرى استعارته، أو نسق عبارته، تعريفا وتنكيرا، أو تقديما وتأخيرا إلخ ... بل لعل الأديب صاحب الأثر نفسه قد يحتاج - فيمن يحتاجون - إلى تدبر قوله، وتبين تأليفه، فلا يكون أقل حاجة في ذلك من سامع يتفهم، وقارئ يتأمل ... والذين عانوا الفن القولي في صورة من صوره يدركون هذا الذي أصفه جليا، ويفهمونه بديها ... والنقاد الأدباء يعرفون ذلك جيدا ...
نعم ... إن وراء هذا الظاهر الخارجي لقوى نفسية تصنع الفن، وتؤلف القول، وتصور المعنى، وتجري ذلك كله على يد المتفنن، بعمل لو زعمت أن منه ما ليس إراديا لم تخطئ ولم تبعد ... وإن عبارات صاحب الأدب لتظل تحمل لذلك كله آثارا قوية، وإن لم يشعر بها أصحاب الخطة اللفظية، جلية، وإن لم يستبنها أصحاب الطريقة المادية، وعلى متفهم الفن أن يلتمس ذلك بخبرته النفسية، ولمحاته الوجدانية، ويتبينها بأضواء المعرفة الإنسانية لحركات النفس، وحياتها، وتأثرها، وتأثيرها ...
وكذلك ينبغي أن نكمل المنهج الداخلي للأدب، فنفهم الأدب والأديب فهما نفسيا ... ومن ذلك الفهم النفسي سقت هذا المثال من فهم أبي العلاء؛ إذ انتهيت فيه إلى هذا الرأي ... •••
ولو شئت أن أجمل لك هنا خطى الفهم النفسي للأدب والأديب، وأبين أركان هذا التكميل المنشود للمنهج لقلت إنها: (1)
النظر في أدب الأديب جملة، وعلى أن له وحدة متماسكة بحيث يتصل في فهمك وتذوقك، قريبه ببعيده، وأوله بآخره ... ثم أنت منسقه على فنونه، وناظر إليه فنا فنا على النحو الذي أصفه بعد بأوسع من هذا الإجمال هنا. (2)
وصل الأديب بأدبه، وفهم الأدب بشخصية صاحبه كما تفهم الشخصية الأدبية نفسها بآثار صاحبها في غير دور ولا تداخل، إذ يتقدم من فهم الشخصية في ظروفها الجسمية والحيوية وما إليها ما يعين على فهم خفايا الأدب، ثم يتأخر من فهم هذه الخفايا الأدبية ما يكمل فهم الشخصية النفسية لصاحبها، فيتم الوصل بين الأدب والأديب في هذا الفهم النفسي وصلا مجديا غير مضطرب. (3)
الانتفاع الدائم المتجدد! بما عرف ويعرف في دوائر الدرس النفسي المجرب الدقيق لقوى الإنسان وملكاته ومشاعره وغرائزه، ويتم هذا الانتفاع بتعاون الدرسين - النفسي والأدبي - تعاونا يخص علم النفس الأدبي بالعناية المثمرة التي تمد الأدباء بالأضواء الكافية لفهم الأنفس، وتكشف لهم عن آثار ذلك في الفنون.
ولا أزيد الآن على هذا الإجمال لأركان الفهم النفسي للأديب والأدب مكتفيا هنا بالمثال العملي الذي يقدمه «رأي في أبي العلاء» تاركا تفصيل هذه الخطوات لفرصة أخرى، لعلها - إذا أعان الله - تكون تكميلا لدرس أبي العلاء نفسه.
حلقات متصلة «وليس هذا الذي أحدثك به عن الفهم النفسي للأدب بدعا من القول، لم أحاوله قبل الآن في تحرير مناهجنا الأدبية: كلا، بل إنك حين تقدر اتصال الدراسة الأدبية في صورها المختلفة تستبين هذا القول مسبوقا مني بمحاولات بعيدة العهد غير ضيقة المدى في سبيل تأصيل الدراسة النفسية الأدبية ... ومن هذه المحاولات ما كان قبل الآن في تكميل منهج البلاغة بحيث تصير «فن قول» يقدم له بمقدمة نفسية تدعم صلة فن القول بعلم النفس الأدبي ... كما أن منها القول بالتفسير النفسي للقرآن وهو كتاب العربية الأكبر وتاج أدبها ... وما تم من ذلك في تطبيق غير قليل لهذا الأصل النفسي في التفسير ... ثم حديثي عن هذا الرأي في «الإعجاز النفسي للقرآن»، وتعليله تعليلا يقوم على تقدير أن العنصر النفسي في الأدب هو لبابه وروحه،
5
Неизвестная страница