وهو عمل فقهي جليل لم يؤلف مثله بعده في الفقه المقارن في السعة والاستيعاب.
ومن يطلع على كتاب (التذكرة) يلمس فيه بوضوح ضخامة العمل الفقهي التي قدمها (العلامة الحلي) رحمه الله للفقه الإسلامي بصورة عامة وبمختلف مذاهبه.
فقد حاول (العلامة) في كتابه هذا أن يجمع آراء مختلف المذاهب الإسلامية، ويناقش ذلك كله بموضوعية وهدوء يعز مثله في الدراسات المقارنة الأخرى.
3 - وكثر الاختلاف في هذا العصر بين فقهاء الإمامية أنفسهم نتيجة لابتعادهم عن عصر الإمام، واختلافهم في سلامة الروايات من حيث السند والدلالة. وكان لا بد للفقيه نتيجة لتشعب الآراء والمذاهب في استنباط الأحكام، وتذوق المسائل أن يلم بمختلف وجوه الرأي في المسألة حتى يستطيع أن يحكم في المسألة برأيه.
وهذه الحاجة دعت العلماء في هذا العصر إلى أن يجمعوا المسائل المختلف فيها بين علماء الشيعة، واستعراض وجوه الاختلاف عندهم، كي يتاح للفقيه أولا أن يحيط علما بوجوه الاختلاف في المسألة، ويعرف المسألة المتفق عليها بين علماء الإمامية ثانيا.
وأول من كتب في هذا الموضوع شيخ الطائفة (الشيخ الطوسي) ألف كتاب (الخلاف) وهو موسوعة كبيرة تحتوي على فقه المذاهب الخمسة.
ثم اقتدى به (العلامة الحلي)، حيث جمع المسائل المختلف فيها بين علماء الطائفة في كتابه الكبير الضخم (المختلف) ولا تزال هذه الكتب موضع دراسة ومراجعة الفقهاء والدارسين:
Страница 79