وزحف مولانا السلطان - خلد الله ملكه - وبين يديه عساكره المؤيدة فضيقوا عليهم الخناق، وأحدقوا بهم أحداق الهدب بالأحداق. وراسلوهم بالسهام، وشافهوهم بالكلام لا الكلام. [ورفعوا من راياتهم المنصورة ما طاول المنشآت في البحر كالأعلام، وحمل بها الأبطال فكلما رآها العدى تهتز بتحريك نسيم النصر سكنوا خوف الحمام، ثم] فرجوا لهم عن فرجة من جانب الجبل ظنوها فرجا، وخيل لهم أنه من سلك من تلك الفرجة سلك طريقا مستقيما، وما درى أنه يسلك طريقا عوجا. واستنزلتهم الجيوش المؤيدة إلى الوطاء، لتمكن سيوفها من سفكهم، وتقرب مدى هلكهم. وتسلمهم إلى الحمام الذي لا ينجي منه حيل ولا حيل، وتملأ الوطاء من دمائهم فتساوي السهل من قتلاهم والجبل. وحل الحمام بساحتهم، وامتدت الأيدي لاستباحتهم، وضاقت عليهم المسالك، وغلبوا هنالك، وأنزل الله نصره على المؤمنين وأيدهم بجنود لم يروها، واشترى منهم أنفسهم بأن لهم الجنة، فيا طيب ما شروها، وفرت من العدو فرقة فضلت في حال الحرب عن السيوف، فأدركهم العزم الماضي الغرار، وتلا عليهم لسان الحتف: قل لن ينفعكم الفرار.
Страница 49