Расаил
رسائل الجاحظ: وهي رسائل منتقاة من كتب للجاحظ لم تنشر قبل الآن
Жанры
صلى الله عليه وسلم
لكلمة قالها عمه أبو لهب. فكلفه اليوم الثاني أن يصنع مثل ذلك الطعام وأن يدعوهم ثانية، فصنعه ودعاهم، فأكلوا، ثم كلمهم
صلى الله عليه وسلم
فدعاهم إلى الدين ودعاه معهم لأنه من بني عبد المطلب، ثم ضمن لمن يوازره منهم وينصره على قوله أن يجعله أخاه في الدين ووصيه بعد موته وخليفته من بعده. فأمسكوا كلهم وأجابه هو وحده وقال: أنا أنصرك على ما جئت به وأوازرك وأبايعك. فقال لهم لما رأى منهم الخذلان ومنه النصر، وشاهد منهم المعصية ومنه الطاعة، وعاين منهم الإباء ومنه الإجابة: هذا أخي ووصيي وخليفتي من بعدي. فقاموا يسخرون ويضحون ويقولون لأبي طالب: أطع ابنك فقد أمره عليك! فهل يكلف عمل الطعام ودعاء القوم صغير غير مميز وغر غير عاقل؟ وهل يؤتمن على سر النبوة طفل ابن خمس سنين أو ابن سبع؟ وهل يدعى في جملة الشيوخ والكهول إلا عاقل لبيب؟ وهل يضع رسول الله
صلى الله عليه وسلم
يده في يده ويعطيه صفقة يمينه بالأخوة والوصية والخلافة إلا وهو أهل لذلك بالغ حد التكليف محتمل لولاية الله وعداوة أعدائه؟ وما بال هذا الطفل لم يأنس بأقرانه ولم يلصق بأشكاله ولم ير مع الصبيان في ملاعبهم بعد إسلامه وهو كأحدهم في طبقته وكبعضهم في معرفته؟ وكيف لم ينزع إليهم في ساعة من ساعاته فيقال: دعاه بعض الصبا وخاطر من خواطر الدنيا وحملته الغرة والحداثة على حضور لهوهم والدخول في حالهم؟ بل ما رأيناه إلا ماضيا على إسلامه مصمما في أمره محققا لقوله بفعله، قد صدق إسلامه بعفافه وزهده، ولصق برسول الله
صلى الله عليه وسلم
من بين جميع من بحضرته؛ فهو أمينه وأليفه في دنياه وآخرته. وقد قهر شهوته وجاذب خواطره، صابرا على ذلك نفسه لما يرجو من فوز العاقبة وثواب الآخرة. وقد ذكر هو في كلامه وخطبه بدء حاله وافتتاح أمره حيث أسلم لما دعا رسول الله
صلى الله عليه وسلم
الشجرة فأقبلت تخد الأرض فقالت قريش: ساحر خفي السحر، فقال علي عليه السلام: يا رسول الله، أنا أول من يؤمن بك، آمنت بالله ورسوله وصدقت بك فيما جئت به، وأنا أشهد أن الشجرة فعلت ما فعلت بأمر الله تصديقا لنبوتك وبرهانا على صحة دعوتك. فهل يكون إيمان قط أصح من هذا الإيمان وأوثق عقدة وأحكم مرة؟ ولكن حنق العثمانية وغيظهم وعصبية الجاحظ وانحرافه مما لا حيلة فيه.
Неизвестная страница