لكنها مقدمة أحوجتنا إليها النتيجة، فأنت أعلم الناس بالمقدمة، وقد لا تكون جاهلا النتيجة؛ لأنك ابن لبنان في كل عصر، وصاحب البيت أدرى بما فيه، وأشد الناس غيرة عليه.
نذكر المقدمة لأمرين؛ أولا: لنعلم أننا عارفون للجميل وذاكرون، وثانيا: لنصل إلى ما نرمي إليه.
يا سيدي
هذه البلاد - بلاد جبيل - بقممها وأوديتها وكنائسها وأديارها ومدافنها، تتحدث بأعمال جدك العظيم - رحمه الله - وتذكر أياديه البيضاء على الشعب، وخصوصا عليها في هذه البقعة التي اختصها بعطفه وحنانه؛ فقد كانت في ذلك الزمان مشمولة بعناية سعد الخوري، المثلث الرحمات والسعيد الذكر، فأسعدها في عهد الشقاء، وأقرها في زمن الاضطراب، فما كان أشد ارتياحها حين تلقت بشرى رئاسة حفيده العظيم! فعللت النفس بانبعاث ذلك العهد الطيب؛ لأنها لا تخطر لحكام هذا الزمان ببال.
إلا أنه منذ أعوام قليلة نظرت - ونكران الجميل عيب - إدارة النافعة إلى هذه البقعة فأحدثت فيها طرقا جمة أحدقت بنا من كل الجهات، فمن الشمال طريق دير مار يوسف جربتا. وهذه صنعت لبعض راهبات متعبدات نفعنا الله بصلواتهن، ولم ينفق مال لهذه الطريق إلا لأنها ستتصل بنا فتربط بلاد جبيل بالبترون، ومن الشرق طريق بجه، ومن القبلة طريق غلبون، ومن الغرب طريق معاد. ولكي لا يخفى على فخامتكم موقعنا، أتبعت كتابي هذا بخطوط تقريبية؛ لأنني لست بالمهندس ولا بمن يحسن الرسم، فعذرا.
ولما اتصلت الطرق بهذه القرى المعلومة وقف دولاب العمل؛ لأننا لم نلح على أرباب الحل، ولم نلجأ إلى من يؤثرون عليهم، بل لا نريد أن نلتجئ.
وطريقنا مقررة في الدور الفائت من «المنافع العامة»، والغاية من هذا القرار إيصالها إلى من يهمهم أمرهم، فكان ذلك وأهملنا نحن؛ فالرئيس العام يهمه ديره، والمطران بيته. أما نحن فحسبنا رضى الاثنين.
طريقنا، يا فخامة الرئيس، مقررة ومسجلة بالنافعة تحت رقم 2116، بتاريخ 22 آيار سنة 1932، وقد ذكرنا سلفكم الدباس بها، فما نفعت الذكرى! في حين أننا لم نطلب غير حق صراح، ولم نطلب إلا شيئا زهيدا؛ فالمسافة كلها من غلبون إلى عين كفاع ثلاثة كيلومترات معظمها سهل، وأقلها هين لا يحتاج شقها إلى ألفين ليرة سورية.
ولا أزيد مولانا علما بمنافع هذا الخط؛ فهو بمطاوي بلاده، فهذا الخط وسط يبتدئ من جبيل فعمشيت، فدير مار يوسف جربتا، فمار يوحنا مارون، ومن هناك إلى الديمان فالأرز، ولم يبق لوصله غير ستة كيلومترات فقط؛ ثلاثة من غلبون إلى عين كفاع، وثلاثة أخرى من عين كفاع لدير مار يوسف، وبهذه الكيلومترات الثلاثة تنفتح أقرب طريق للأرز صالحة للسير، صيفا شتاء، في جو معتدل.
فهل لفخامة الرئيس المعظم أن يعير هذه الرسالة انتباها؛ فقد مللنا العرائض الرسمية حتى اعتمد علي بعرض القضية على فخامتكم أبناء قريتي عين كفاع ومزرعتي غبالين، وصليب غلبون وبيت الأشقر.
Неизвестная страница