الجمهورية اللبنانية، مجلس النواب
أخي مارون
أجدت أمس كما أجدت في بعض ما كتبته قبل أمس، شأن كل كاتب وناقد يصيب أحيانا ويخطئ أحيانا، وقد خرج الخطباء على الأثر من الحفلة فحييناهم، ولم تخرج معهم فنحييك.
أما جبران فقد أصبت فيما ذكرت عنه، ولكنك أطلت وطلبت ما أرجح أن المدرسة لا تجيبك إليه، ولا شك أنك تذكر أني كنت وإياك في جانب جبران وزيدان في لجنة المعارف فلم نفلح، ولا يعني انتصارنا لجبران انتقاصا من قدر المنفلوطي، فإن أسلوبه في الإنشاء «العربي» يفوق أسلوب جبران، ويجب أن نضم الرجل إلى ناشري لواء البلاغة والتهذيب في الشرق، فقولك: «إن اللجنة أبدلت المنفلوطي من جبران.» فيه تحقير للمنفلوطي، ولا أظنك تعني هذا، بل تعني وجوب وضع جبران في مصف الكتاب المصلحين في منهاج البكالوريا.
وأما حملتك على شعراء العصر في التهاني والترحاب والاستقبالات، فحملة مردودة؛ لأن كل شاعر مهما علت منزلته في مثل هذه المناسبات مضطر أن يقول كلمة شكر، ولا تكون كلمة الشكر آية من آيات الفن والخيال والتصور والابتكار.
وهناك أبيات كثيرة من غير هذا الباب فسرتها، يا أبا محمد، بغير ما يريد صاحبها، أو شرحتها باستهزاء، والمعنى فيها مقبول مأنوس، وليس بالصعب على كل ناقد أن يزدري قول أعظم شاعر متهكما، ويجعل ألفاظه مبتذلة ومعانيه مسروقة.
بقيت المحاسن يا مارون ... أين هي؟ فقد يكون للشاعر بيت في قصيدة يعادل قصائد، ويظهر أنك تريد أن تهدم البيوت على أربابها، فتقتل جميع ما فيها ، وكم هنالك من كنوز تضيع تحت الأنقاض! وليس هذا عمل النقاد المنصفين.
أحييك وأدعو لك.
أخوك المنذر
بيروت
Неизвестная страница