يغاير قوله: فأتموا، فلا حجة فيه لمن تمسك برواية: "فاقضوا" على أن ما أدركه المأموم مع الإمام هو آخر صلاته حتى استحب له الجهر في الركعتين الأخريين وقراءة السورة وترك القنوت، بل هو أولها، وإن كان آخر صلاة إمامه، لأن الآخر لا يكون إلا عن شيء تقدم. وأوضح دليل على ذلك أنه يجب عليه أن يتشهد في آخر صلاته على كل حال، فلو كان ما يدركه مع الإمام آخرا له؛ لما احتاج إلى إعادة التشهد. انتهى ملخصا.
فظهر لك أن هذا القول هو الراجح، والله ﷾ أعلم.
تأخير الصلاة للمسافر عند فقد الماء
(المسألة الثانية): رجل في سفر، ودخل عليه وقت الزوال، وهو عادم الماء، فأخر صلاة الظهر ناويا التأخير إلى العصر، فوجد الماء في وقت الظهر، ولم يستعمله؛ فلما جاء وقت العصر إذا هو عادم للماء؟
(فالجواب وبالله التوفيق): أن المشهور عند الحنابلة أن مثل هذا لا إعادة عليه، لأنه يجوز له تأخير صلاة الظهر إلى وقت العصر، إذا كان ناويا للجمع. قال في الشرح الكبير: وإذا كان معه ماء فأراقه قبل الوقت، أو مر بماء قبل الوقت فتجاوزه، وعدم الماء في الوقت، صلى بالتيمم من غير إعادة، وهو قول الشافعي. وقال الأوزاعي: إن ظن أنه يدرك الماء في الوقت كقولنا، وإلا صلى بالتيمم، وعليه الإعادة، لأنه مفرط، ولنا أنه لم يجب عليه استعماله، أشبه ما لو ظن أنه يدرك الماء في الوقت. وفي شرح منصور على "المنتهى": من في الوقت أراقه، أي: الماء، أو مر به وأمكنه الوضوء منه، ولم يفعل وهو يعلم أنه لا يجد غيره، أو باعه، أو وهبه في الوقت لغير من يلزمه بذله له، حرم عليه ذلك، ولم يصح العقد من بيع أو هبة لتعلق حق الله – تعالى-بالمعقود عليه، فلم يصح نقل الملك فيه كأضحية معينة. ثم إن تيمم لعدم غيره،
1 / 74